سجّل المواطنون، أمس، موقفهم ضدّ الإرهاب والطائفية عبر موجة بشريةٍ عارمة طولها أربعة كيلومترات وعرضها 60 متراً. وفي موكب تشييع شهداء مسجد القديح؛ ندّد مئات الآلاف بالإرهاب الداعشيّ والتحريض الطائفيّ. وشارك في الحشد الكبير مواطنون من مختلف أنحاء المملكة وبعض دول الخليج. ومنذ ظهر أمس توافدت الحشود على موقع سوق الخميس الشعبي في شارع الملك فيصل، حيث تقرّر انطلاقة التشييع. وفاض موقع السوق والشارع بالناس قبل الثالثة عصراً، ليصل إلى مدخل بلدة الخويلدية، ويمتدّ حتى داخل بلدة القديح، مكان دفن الشهداء. وأقيمت صلاة الجنازة داخل السوق، قبل أن تُحمل نعوش 19 شهيداً، من أصل 21، على أكتاف المشيعين في مشهد استثنائيٍّ، ذكّر الناس بمشهد تشييع شهداء دالوة الأحساء في محرم الماضي. وسار الموكب الكبير من السوق في اتجاه القديح، محتلاّ مساراً كاملاً من شارع الملك فيصل، والجزيرة الوسطية، وجزءاً من المسار الآخر. وسبحت النعوش فوق موجٍ بشري هائل عابرة الشارع ببطء ومهابة، تتلقّفها الأيادي وتسلّمها إلى أيادٍ أخرى في المسار. وبسبب الحشدِ الضخم؛ اضطرّ فريق قيادة الموكب إلى استخدام طريقٍ بديل عن الطريق الذي يدخل في قرية البحاري، تحاشياً لانحشار المشيعين في طرق ضيّقة، وساروا نحو مدخل القديح الشرقيّ، وصولاً إلى مقبرة «الحليلة» جنوبيّ البلدة. وفرض الموكب هيبته على شطر مدينة القطيف الغربيّ كله، وكلّ مداخل بلدات القديح والبحاري والعوامية وأحياء الناصرة والبحر. وحوّلت الجهات الأمنية حركة السير إلى مداخل القطيف الأخرى الجنوبية والشمالية، ليحصل الموكب على أمانه التام وسلامة حركته. واستغرق عبور الكيلومترات الأربعة أكثر من ساعتين، جرّاء الزحام الاستثنائيّ، وبطء الحركة. لكنّ منظمي الحفل نجحوا في تنفيذ خطة التشييع على نحو مثاليّ خلا من أي مشكلات أو عراقيل أو حالات اختناق. وشوهدت سيارات إسعاف وطواقم طبية حول الموكب تحسباً لأيّ طارئ. وأكدت لجنة التنظيم عدم وقوع أي حالات إغماء أو حوادث، باستثناء حالة إعياء واحدة لطفل. وتبين أنه تأثر بحرارة الجو والشمس والإرهاق.