كشف الإرهاب الداعشي، أمس، عن فجوره مجدداً، مستهدفاً جمعاً من المصلّين وسط مسجد ببلدة القديح التابعة لمحافظة القطيف. وفجّر انتحاريٌّ نفسه في الركعة الثانية، في مسجد الإمام علي، أكبر مساجد البلدة الريفية، موقعاً 21 شهيداً و 102 من المصابين، في جريمة شنعاء بادر السعوديون إلى رفضها وإدانتها على المستويين الرسميّ والشعبيّ. وتوعدت وزارة الداخلية، على لسان متحدّثها اللواء منصور التركي، المتورطين في الجريمة، مؤكدة أنها «لن تألوَ جهداً في ملاحقة كلّ من تورط في هذه الجريمة الإرهابية الآثمة من عملاء أرباب الفتن الذين يسعون للنيل من وحدة النسيج الوطني بالمملكة، والقبض عليهم وتقديمهم للقضاء الشرعي لنيل جزائهم العادل». ونقلت مصادر شعبية، في البلدة، عن ناجين من الجريمة قولهم إن الانتحاريّ اندسّ بين المصلين، واصطفّ معهم، وبمجرد ركوع المصلّين سمعوه يصرخ «الله أكبر» قبل أن يتفجّر المكان ويختلط كلّ شيء في لحظاتٍ أسفرت عن تناثر الجثث والأشلاء وسط المسجد. وقالت وزارة الداخلية، لاحقاً، إن الإرهابي «استخدم حزاماً ناسفاً في العملية الإرهابية». وفي أعقاب التفجير هرع الناس إلى نقل المصابين إلى المستشفيات القريبة، فيما هرعت سيارات الهلال الأحمر وإسعافات المستشفيات في نقل الشهداء والجرحى. وحتى ما بعد عِشاء البارحة؛ خلصت الإحصاءات الأولية إلى 123 ضحية، بينهم 21 شهيداً، و 12 مصاباً في حالة حرجة، و40 منوماً في المستشفيات، فيما غادرت 29 حالة المستشفيات بعد تلقّيها العلاج، طبقاً للناطق الإعلامي بصحة الشرقية أسعد السعود. وتزاحم المواطنون، من مدن المنطقة الشرقية ومحافظاتها على المستشفيات للتبرع بالدم ومواساة البلدة المنكوبة، فيما استدعت الشؤون الصحية الطواقم الطبية والتمريضية للمشاركة في علاج المصابين عبر المستشفيات التي توزّع عليها الضحايا في القطيف والدمام. وكشفت مديرة قسم التمريض في مستشفى القطيف المركزي الدكتورة فضيلة العبيدان، عن تجاوب كبير من زملائها في المهنة. وقالت إنها تلقت ما لا يقل عن 80 عرضاً من ممرضات وطبيبات من مستشفيات في الشرقية وخارجها بينها مستشفيات عسكرية وخاصة، أكدوا استعدادهم للتطوع في دعم المستشفيات في هذا الحدث الطارئ رغم أن العملية الإرهابية تمت في يوم عطلة رسمية لجميع القطاعات بما فيها القطاع الطبي عدا المناوبين. وشددت على أن ما تم تلقيه من عروض للدعم والتطوع يؤكد اللحمة الوطنية ووقوف الجميع ضد من يهدف إلى زرع الفتنة في هذا الوطن. وطبقاً لمصادر صحية؛ فقد نُقلت جثامين الشهداء جميعهم إلى ثلاجة الموتى بمستشفى صفوى العام، ولم يتقرّر، حتى مساء أمس، وقت إكرامهم. إلا أن متطوعين من داخل البلدة وخارجها دخلوا في أعمال تطوعية تخص حفر القبور وما يدخل في ضمن ذلك. وقد تشكّلت لجان تطوعية، في القديح، لتنظيم السير وخدمة آلاف المواطنين الذين توافدوا على البلدة، وترتيب الخدمات. وزار محافظ القطيف خالد بن عبدالعزيز الصفيان موقع الجريمة برفقة عدد من الأجهزة الأمنية لمعاينة موقع الحادث، كما زار المصابين في مستشفى القطيف المركزي. وأكد الصفيان ل «الشرق» أن التوجيهات صدرت من أعلى مستوى لتأمين أفضل الخدمات للضحايا وتسهيل إجراءات الشهداء.