تصعد السيارات الرباعية الدفع التي كانت ممنوعة على الليبيين في زمن النظام السابق، الواحدة تلو الأخرى تلة رملية في منطقة ساحلية قرب طرابلس، في استعراض أسبوعي يشكل متنفساً لعشرات الشبان بعيدا عن يوميات النزاع المسلح في بلدهم. وعند فترة العصر من كل يوم جمعة، يتجمع هؤلاء الشبان في المنطقة الواقعة على بعد أمتار قليلة من البحر في بلدة القره بوللي (حوالي 60 كم شرق طرابلس)، يقودون سياراتهم صعوداً ونزولاً، فيما يكتفي آخرون بالتفرج عليهم والتصفيق لهم. ورغم المعارك المستمرة، والانقسام بين الليبيين، إلا أن في منطقة استعراض السيارات رباعية الدفع، تختفي آثار الحرب كلياً؛ حيث تبدو هذه المنطقة وكأنها جزيرة معزولة عن الواقع اليومي لبلاد لم يهنأ شبانها بحياة طبيعية منذ أكثر من أربع سنوات. وقبيل بدء الاستعراض، توزعت نحو 50 سيارة رباعية الدفع في أرجاء المكان، بعضها تسلقت التلة العالية، وأخرى اتخذت من ظل الأشجار المنتشرة في هذه البقعة موقفاً لها. ومع بدء انحسار أشعة الشمس خلف التلة، أعطى عتيقة إشارة انطلاق الاستعراض، لتتصاعد أصوات المحركات الصاخبة معاً فجأة، وسط تصفيق المتفرجين الذين تمركزوا على أطراف الوادي الواقع في أسفل التلة، حاملين هواتفهم النقالة استعداداً لتصوير الحدث. ولم تمضِ دقائق قليلة حتى اكتظت المساحة المخصصة للاستعراض بالسيارات التي لم تكتفِ فقط بصعود ونزول التلة، بل بدأ بعضها بالسير ببطء جنبا إلى جنب في مسار أفقي ما تسبب بتصاعد الرمال في سماء المكان. ومع أن بعض السائقين لم يتمكنوا من بلوغ أعلى القمة، واضطروا إلى العودة خائبين نحو أسفل الوادي والمحاولة من جديد، إلا أنهم كانوا يصرخون للحاضرين طالبين منهم الهتاف لهم تشجيعاً. ووضع السائقون الشبان على سياراتهم العلم الليبي، وألصق آخرون عبارات مثل «شباب ليبيا»، أو «ملك الطريق». واستمر الاستعراض لمدة ساعتين، قبل أن يجمع السائقون سياراتهم الواحدة وراء الأخرى، وينطلقوا في مغامرة أخيرة تتمثل في القيادة على الشاطئ الرملي إلى جانب البحر لحوالي ثلاثة كيلومترات قبل الوصول إلى الطريق السريع.