يعيش مجتمعنا حالة من الفوضى في كثير من سلوكياته التي أستعرض هنا بعضها، حيث كنت أنتظر دوري للمحاسبة في إحدى المكتبات، فإذا بطفلة تدخل بيني و بين الرجل الذي يسبقني وتحاسب قبلي. في الوقع لم أستغرب ذلك السلوك لكني أحببت أن أنبه الطفلة بأن ماقامت به خطأ سلوكي. فسألتها ما إذا كانوا لايعلمونهم النظام في المدرسة أو الروضة. فأجابت لا. تقول إحدى السيدات إنها اضطرت لطلب رجل الأمن ليبعد شابا مع ابنته، الذي تقدم على الطابور عند محاسب البقالة. ويقول آخر إنه شاهد أحد الآباء وهو يرسل ابنه الصغير ليتقدم الطابور وهو يقف بعيدا. في الشوارع نشاهد هؤلاء الذي يحاولون أن يكونوا في المقدمة حتى لو أدى ذلك إلى وقوع حوادث، ويمكن ملاحظة ذلك يومياً وتكون الصورة أكثر وضوحا في جسر الملك فهد، حيث يبدأ الصراع اليومي بسبب الازدحام وسوء التنظيم، بالإضافة إلى السلوكيات التنافسية كما تسميها إحدى التربويات، التي تقول: إنه رغم ماتقوم به معلمات الروضات من جهود لتعليم الأطفال على النظام واحترامه، إلا أنهم لايطبقون شيئا من ذلك في الفصل أو الروضة ولا في خارجهما، وتضيف نحن نعاني من فوضى الأطفال بالرغم من تكرار تعليمهم احترام النظام والترتيب واحترام طابور الصباح. إلا أننا اكتشفنا مع مرور الوقت أن مانعلمه في عام يفسده أولياء الأمور في ساعة. وترى التربوية أن انعدام الصبر والتروي والتعاون بين الأفراد ماهي إلا نتيجة التنافس الممقوت، الذي يعلمه الآباء أطفالهم مثل: من هو الأفضل ومن هو الأشطر والأقوى ومن يسبق من، ومن يفوز على من، ومن هو الأجمل والأذكى. نحن نزرع في أبنائنا مرضا نفسيا واجتماعيا خطيرا هو التنافسية، التي تترتب عليه سلوكيات كثيرة مدمرة مثل حوادث السيارات والمغامرات غير المحمودة. فكلٌّ يريد أن يكون في المقدمة حتى في الأعمال الخطرة، حتى على حساب الأخلاق الاجتماعية. نحن بالتأكيد نريد من مدارسنا وجامعاتنا تأكيد أهمية احترام النظام، لكننا في نفس الوقت نريد أن تكون الأسرة هي المدرسة الأولى المؤثرة، لنكون مجتمعا كبقية المجتمعات الطبيعية.