تتخطى المنافسة بين حركتي فتح وحماس الساحة السياسية الفلسطينية لتصل إلى الانتخابات في الجامعات والمعاهد. وطغى تعثُّر المصالحة بين الحركتين بالإضافة إلى الخلافات الرئيسة بينهما على أجواء الانتخابات الطلابية. وشَمِلَت المناظرة بين كتلة طلابية تابعة لحماس وأخرى تابعة لفتح في جامعة بيرزيت قرب رام الله اتهامات متبادلة هي نفسها، التي تتبادلها الحركتان على الصعيد التنظيمي. وركَّز ممثل كتلة حماس على التنسيق الأمني، الذي يجري في الضفة الغربية، متَّهماً السلطة الفلسطينية التي تقودها فتح بزعامة الرئيس محمود عباس بمواصلة التنسيق الأمني مع إسرائيل «رغم إعلانها أكثر من 13 مرة عن وقفه». لكن ممثل فتح سأله «أين مطار وميناء غزة اللذان وعدتمونا بهما؟»، في إشارةٍ إلى وعود أطلقتها حماس إبان الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة الصيف الماضي. وتحظى الانتخابات الطلابية في جامعات الضفة الغربيةالمحتلة وقطاع غزة بمتابعة كبيرة من قيادات الحركتين وقيادات الفصائل الفلسطينية الأخرى. ويطرح الطلاب خلال حملاتهم الانتخابية مواضيع مثل المصالحة المتعثرة والتنسيق الأمني مع إسرائيل وإجراء انتخابات تشريعية مع تجاهل لمشكلات الطلاب الاعتيادية. و«باتت المناظرات الطلابية مسرحية للتنفيس السياسي»، بحسب أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت عماد غياظة. ويصف غياظة ما يجري في الدعايات الانتخابية بين الكتل الطلابية ب «تراث قديم ارتبط بفترة ما قبل السلطة الفلسطينية، إذ كان النقاش والجدل بين الطلاب آنذاك يدور حول وسائل الفصائل لتحرير البلاد». ويعتقد أستاذ العلوم السياسية في بيرزيت أن «الطلاب يتوارثون هذا دون التفكير في محتواه». وقبل ظهور السلطة عام 1994؛ كان الفلسطينيون محرومين من التمثيل السياسي والمشاركة في الانتخابات ولجأوا في حينه إلى انتخابات المجالس الطلابية والعمالية. وكانت حماس قد حققت انتصاراً كبيراً في الانتخابات التشريعية، التي جرت في 2006، وبعدها بعام طردت حركة فتح من غزة إثر اشتباكات دامية ما أدى إلى انقسام بين الحركتين فسيطرت الأولى على غزة، والثانية على الضفة الغربيةالمحتلة. ويلاحظ مدير المرصد العربي للديموقراطية والانتخابات، عارف جفال، أن «السياسيين الكبار في الحركتين يعتبرون النجاح في انتخابات الجامعات والمعاهد نجاحاً لهم، ولهذا السبب تكتسي الدعايات الانتخابية بين الكتل الطلابية باللون السياسي أكثر من اللون الأكاديمي وتُموَّل الدعايات الانتخابية من ميزانية القوى السياسية». ويتحدث جفال عن «ارتفاع نسبة المشاركين في الانتخابات الطلابية حينما تكون المنافسة فيها بين فتح وحماس»، مؤكداً «التأثير السياسي لهذه الانتخابات على أرض الواقع». وعلى الرغم من تنافس الحركتين في الانتخابات الطلابية بعديد من الجامعات، إلا أن انتخابات جامعة بيرزيت التي يدرس فيها نحو عشرة آلاف طالب تحظى بأكبر اهتمام من قِبَل الأحزاب الفلسطينية. واحتل خبر فوز حماس ب 26 مقعداً مقابل 19 لفتح في المجلس الطلابي لبيرزيت الأخبار المحلية على تليفزيون فلسطين وباقي وسائل الإعلام المحلية. ويرجع غياظة ذلك إلى قرب الجامعة من مقرات السلطة في رام الله، ويعتبر فوز حماس في الجامعة مؤشراً إيجابياً بأن السلطة تسمح بحرية الرأي.