أكد مختصون أن القوات العربية المشتركة التي اُتُّفق على تشكيلها في القمة العربية الأخيرة تحتاج إلى جاهزية كبرى، وهي خطوة استراتجية مهمة خاصة أن هناك جيوشاً عربية على مستوى عال من التجهيزات العسكرية والتكنولوجية. ويمكن أن تلعب دوراً مهماً في المستقبل وتكون أداة للعمل العربي المشترك الذي غاب طويلاً عن ساحة الفعل السياسي والعسكري، فيما تدور المعارك على أشدها في اليمن بين الحوثيين والقوات الشعبية مدعومة بقوات «عاصفة الحزم»، بينما تعم الفوضى العسكرية والسياسية في أكثر من بلد عربي من سوريا إلى العراق فليبيا. العقيد ركن متقاعد في القوة الجوية الكويتية الدكتور ظافر محمد العجمي المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج، أوضح أن قوات الحوثيين عاجزة عن الرد على هجمات عاصفة الحزم، وهي عاجزة عملياتياً ومرتبكة بالمعنى الاستراتيجي، وأشار العقيد إلى أن الحوثيين نقلوا صواريخ بالستية إلى داخل المناطق السكنية في بعض المدن اليمنية بينها صنعاء. وهذه الصواريخ وسيلة الرد الوحيدة لديهم بعد فرض التحالف السيادة الجوية «air Supremacy» فوق اليمن. مؤكداً أن العمل الاستخباري مهم لتدمير هذه الصواريخ في منصاتها. وقال خلال حديثه ل «الشرق»: مسألة التفوق الجوي «Air Superiority» كانت قضية محسومة لصالح القوات الجوية الملكية السعودية حتى قبل أن تقلع الصقور، فقد ضمَّ كل تشكيل أقلع أفضل طائرات السيادة الجوية من طائرات الجيل الرابع في العالم؛ كالنسرF-15 سترايك إيجل ويوروفايتر تايفون والترنيدو والصقر F-16 والدبور الكويتي FA-18. فيما كانت طائرات الخصم المتهالكة كما جاء في التقرير الاستخباري ميغ MiG-23، وميغ MiG-29 وسوخوي SU-22 وسوخوي 22UM3 أما سواها فخارج نطاق الخدمة. وأشار العجمي إلى أن الخطر الأكبر على الطائرات هو المضادات الأرضية، التي كانت بين قائمة الأهداف التي تم تدميرها، كما تم تدمير مخازن الذخيرة، وكذلك تضمنت الصواريخ البالستية، ثم تطور بنك الأهداف في الأيام التالية ليشمل قطع الإمداد والتموين، واستهداف تجمعات المليشيات الحوثية وأنصارها، وقصف تجمعات عربات المليشيات، ومقرات القيادة والمعسكرات التابعة للمليشيات الحوثية القريبة من الحدود السعودية. وحول تشكيل قوة عربية مشتركة، فيقول الدكتور العجمي «أمن الخليج يقوم على دوائر عدة، منها دائرة الأمن الذاتي ودائرة الأمن الجماعي، ودائرة الاتفاقيات الأمنية مع الحلفاء، ثم تأتي في المؤخرة دائرة نظام الأمن العربي التي هي مُغيَّبة بجهل مرددةً كلاشيهات من الخمسينيات والستينيات، فنحن في الكويت جرَّبنا ذلك». فيما أشار العجمي إلى نجاح الموقف العربي في حرب تحرير الكويت، حيث قال: وفي حرب تحرير الكويت وقفت القوات العربية معنا موقفاً مشرفاً. ويضيف أن التعاون العسكري العربي ليس بجديد وحدث أن نزلت قوات عربية في الكويت 1961-1963م ثم تشكلت القوات العربية التي خاضت حرب أكتوبر 73، ثم تشكلت قوة الردع العربي في لبنان قبل تسلُّم السوريين المهمة، ثم تشكلت قوات عربية مشتركة قادها خالد بن سلطان في حرب تحرير الكويت. من يعتقد أن التجربة جديدة لا يقرأ التاريخ العسكري. أما نجاحها فدرجته تبقى أفضل من الاعتماد على الاتفاقيات الأمنية الغربية في ظل الاستدارات الأمريكية ناحية إيران. كما أن هذه القوات لن تكون في معسكر واحد، بل تجتمع القيادات بينما بقية القوات في بلدانها، وهي قوات نخبوية من القوات الخاصة. أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت الدكتور شفيق الغبرا يقول إن المشهد العربي شديد التعقيد، وخطوة المملكة فيها كثير من المبادرة والشجاعة، كما تفرض وضعاً جديداً حول الدفاع العربي المشترك، وهذا يمثل خطوة استراتيجية في مسيرة ألف ميل. الخطوة ستؤثر في ملفات أخرى كما سترفع درجة التفاؤل العربي. ويضيف الدكتور الغبرا قائلاً: إن إيقاف النزيف اليمني سيعني عملياً وضع سقف لهذه الحرب أهمها: استعادة التوازن في اليمن وإقناع الأطراف بالعودة للتفاوض. ويرى الدكتور شفيق أن هناك تخوفاً من أن تؤدي الضربات إلى إضعاف الجيش اليمني «الذي تحالف مع الحوثيين» مما قد يُنتج انهياراً شبيهاً بالحالة الليبية تستفيد منه القاعدة ومنظمات شبيهة. هناك أكثر من سيناريو لليمن، وهذا يعني ضرورة المرونة في التعامل مع الحالة والتأكد من الوصول لما يمثل تطلعات كل اليمنيين. ويختم الدكتور شفيق الغبرا رأيه بتساؤل: المستقبل اليمني يجب أن ينطلق أساساً من تطلعات اليمنيين عشية الثورة عام 2011 التي ركزت على الكرامة والعدالة الاجتماعية والحقوق والتنمية واستقالة الرئيس السابق علي عبدالله صالح وخروجه من الحياة السياسية اليمنية. الأهم كيف يخرج اليمن من المستنقع والتلاعب بمقدراته الذي وضعه فيه الرئيس السابق صالح عبر عقود؟.