تُظهر عديد من الدراسات التي أُجريت على عدد من المتطوعين أن مهمة التحدث للجمهور جاءت على رأس قائمة الأمور الأكثر رعباً لدى المشاركين، في حين حل الخوف من الموت في المرتبة الثانية! بطبيعة الحال فهذه المكانة التي جعلت من مهمة التحدث ومقابلة الجمهور أمراً غاية في الجدّية يعكس بشكل جلي المهام المنوطة والمسؤوليات الملقاة على عاتق من يتصدى لهذه المهمة الجسيمة. وبطبيعة الحال، أيضاً، فالمسؤولية تتضاعف حينما يتعلق الأمر بالتحدث بالصوت الرسمي للحكومات، والمؤسسات والقطاعات التجارية وكذلك المشاهير وغيرهم ممن هم على اتصال مباشر بالمتلقي وفي بحث دؤوب عن المعلومة الحساسة والمفصلية. ولذا، تحرص الجهات المعنية على الاختيار الدقيق لمن ترى فيه الكفاءة اللازمة لشغل هذا الكرسي الساخن جداً، بل وتستثمر كثيراً في سبيل توفير التديب والتأهيل اللازمين لصبغ ذلك كله بالاحترافية والإتقان، لا سيما في عصر الانفجار الإعلامي. في الأيام الماضية، كسب العميد ركن أحمد عسيري، المتحدث الرسمي باسم عاصفة الحزم، احتراماً وتقديراً عاليين في ظهوره اليومي لإيجاز وتلخيص المستجدات وتبصرة الإعلاميين والمتابعين بحقيقة الأمور على أرض الواقع بكل مصداقية وشفافية وكاريزما طاغية. سعادة العميد قدّم للمهتمين بهذا المجال نموذجاً فريداً في كل تفاصيل ظهوره أمام الكاميرا من وقوف وثقة ونبرة صوت هادئة وواثقة وانتهاءً بحديثه بلغةٍ سهلة الفهم غير قابلة للمغالطات. أضِف إلى ذلك، فالعميد عسيري كان على أهبة الاستعداد لتلقي الأسئلة باللغات العالمية الثلاث والرد عليها بفصاحة وإيجاز.. وذكاء! تجربة العميد أحمد برأيي هي تأكيد جديد على الجدل القائم حول مهمة المتحدث الرسمي وضرورة قدومه من أعلى الهرم، لما في ذلك من إيمان حقيقة بأهمية الحضور الإعلامي الرصين بنفس الأهمية ذاتها للعمل الحقيقي.