حين تكون الأم حنونة وليِّنة في تعاملها مع أبنائها ويكون الوالد عكس ذلك، قاسياً وسريع الغضب، يعتقد بعض الناس أن ذلك يعوِّض الطفل ويُحدث له حالة توازن. بل على العكس تماماً من ذلك، فهذا التذبذب الذي يصدر عن الوالدين وينشأ عليه الأبناء يرفع من مستوى القلق لديهم، ويشعرهم بعدم الاستقرار والأمان، فالوالد قد يعاقب ابنه على سلوك ما، ووالدته تظهر له عدم الاستياء من سلوكه وهذا يجعل الطفل في حيرة من أمره حول السلوك، فيصبح غير قادر على تمييز السلوك الخاطئ من الصائب. وفي أحيان أخرى تتحكم مزاجية الوالدين وظروفهما النفسية في طريقة تربيتهما لأبنائهما، فحين تكون أمورهما على ما يرام ينعكس ذلك على الأطفال وعلى طريقة معاملة الوالدين لهم، فقد يُكافَأ الطفل في يوم سعيد دون سبب، وقد يعاقب في يوم تعيس دون سبب أيضاً، فيتذبذب مستوى التعامل بين يوم هادئ ومريح، ويوم آخر عاصف ومليء بالمشكلات، دون أن يدرك الطفل ما السلوك أو الذنب الذي يغيِّر من تعامل والديه معه، ويجعله فاقداً للسيطرة على التحكم في سلوكه، نظراً لتغير مزاجية الوالدين. التربية والتنشئة يجب أن تكون مجرَّدة، ويجب أن يتفق الوالدان على السلوكيات التي يريانها صائبة، وما هي السلوكيات التي يجب أن يعاقب عليها الطفل بوضوح تام، وألَّا يجعل الوالدان الأبناء كبش الفداء لتنفيس غضبهما، وإفراغ جل طاقات مشكلاتهما على أبنائهما، وألا يتهاونا في معاقبة أبنائهما في الأيام السعيدة إذا صدرت منهم سلوكيات خاطئة، لأن ذلك هو ما سينشأ عليه الطفل، ويجب أن ينشأ بطريقة سليمة متوازنة قدر المستطاع.