صُعقت الدولة الفارسيّة لدى سماعها نبأ انطلاق «عاصفة الحزم» ضد أتباعها المتمثلين بالعصابات الحوثيّة في اليمن، أمّا الصاعقة الأكبر فجاءت بعد إعلان نحو 10 دول عن رغبتها واستعدادها للمشاركة في الحرب، وفي مقدّمتها مصر بجيشها البالغ من العُمر 5 آلاف عام، إضافة إلى باكستان النووية. وكانت طهران قد تلقّت عدّة ضربات في أكثر من دولة عربيّة مِنْ قَبْل، ظنّت الدولة الفارسيّة أنها أصبحت الآمر والناهي فيها، وذلك بدءا من تكريت التي ظلّت عصيّة على الفرس فلم يفلحوا أبداً في دخولها وتكبّدت قواتهم آلاف القتلى، حتّى صارت تتحاشى إقامة مراسم العزاء لهم، ومروراً بهزيمتها في مدينة بُصرى الشام في سوريا وتحريرها على يد ثوّار سوريا من قبضة عناصر فيلق القدس وحزب الله، ثمّ جاء دور تحرير إدلب لتدور الحرب رحاها لتحريرها على يد الثوار هي الأخرى، في طريقهم نحو حماة وحلب وريف دمشق. وكعادتها، لجأت طهران إلى إطلاق التصريحات الرنّانة وجاءت على لسان «علاء الدين بروجردي» رئيس اللجنة الأمنيّة والعلاقات الخارجيّة في البرلمان الفارسي، الذي حذّر من اتساع رقعة الحرب وانتقالها إلى السعوديّة، أمّا عضو اللجنة الأمنيّة التابعة للبرلمان «إسماعيل كوثري» فيرى أن الحرب ستؤدّي إلى تفكيك السعوديّة. وأغرب التصريحات جاءت من موقع فارس نيوز التابع للحرس الثوري الفارسي بإفادته، أن الحرب على الحوثيين تستهدف الإسلام الحقيقي! متناسياً أن الإسلام الحقيقي قد بُعث من مكة فالمدينة المنورة ليطفئ نار المجوس فيما بعد، إثر معركة القادسيّة الأولى وذي قار والأبلّة وسوق الأحواز، التي خاضها العرب المسلمون ضد المجوس آنذاك. وعلى عكس ما يراه قادة الفرس، فإنّ الواقع يؤكّد مباركة الشعب السعودي وغالبيّة الدول العربيّة وكافة شعوب المنطقة لعاصفة الحزم، إضافة إلى تأييد عديد من القوى العظمى المؤثرة في العلاقات الدوليّة وكذلك المجتمع الدولي لعاصفة الحزم، الأمر الذي يبيّن بوضوح سموّ الدبلوماسية العربيّة مقابل انكسار الدبلوماسيّة الفارسيّة. ولا ريب أنّ المواقف التركيّة والباكستانيّة المؤيّدة للعرب، قد شكّلت صدمة أخرى للدولة الفارسيّة التي ركّزت على مشروعها التوسّعي في المنطقة العربيّة وكذلك بعض الدول الإسلاميّة، دون أدنى اكتراث لمصالح الدول الإقليميّة، متجاهلة أنّ مشروعاً بهذا الحجم إنما يحتاج إلى تغطية دبلوماسيّة قويّة وفاعلة وكذلك قوّة اقتصاديّة داعمة له. فالدبلوماسيّة الفارسيّة أدّت إلى نفور جيرانها منها شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً، أمّا الاقتصاد الفارسي القائم على التهريب وتجارة المخدّرات بنسبة أكثر من 40%، فلا يمكنه تغطية نفقات مشروع بهذا الحجم. ووضعت عاصفة الحزم سُمعة الدولة الفارسيّة على المحك أمام شعبها، وجعلتها في حيرة من أمرها وعاجزة عن التسويغ لشعبها، الذي حاولت على الدوام إقناعه بعودة الإمبراطوريّة المجوسيّة المزعومة، وتأكيد قادة الفرس على امتدادهم حتى البحر المتوسّط وباب المندب والبحر الأحمر. وتفاجؤ طهران بعاصفة الحزم يؤكّد ضعفها الاستخباراتي والمعلوماتي والاستراتيجي، كما يبرهن هشاشة مشروعها التوسّعي غير المسنود باستراتيجيّة بعيدة المدى، والتكهّن بردود الأفعال الإقليميّة والدوليّة. فتظاهر الدولة الفارسيّة بالامتداد والتوسّع، يقابله هشاشة الوضع الداخلي لما تسمى بخارطة إيران الجغرافيّة. ورغم أنّ الأحواز محتلّة منذ 90 عاماً، إلا أنّ الحراك الشعبي الأحوازي الأخير جعل من أكبر قادة الفرس بمن فيهم وزير الاستخبارات «علوي»، يتوافدون على الأحواز لتوسّل الرضا، وتهدئة الأوضاع التي تكاد تخرج عن السيطرة. والحراك الشعبي الداخلي الأحوازي يقابله حراك سياسي خارجي، كطرح قضيّة الأحواز على هيئة الأممالمتحدة من قبل المركز الأحوازي لحقوق الإنسان، وأيضاً ما قام به وفد المنظمة الوطنيّة لتحرير الأحواز (حزم) من دور إيجابي في مصر، وطرح القضيّة على جامعة الدول العربيّة وعدد من الشخصيّات العربيّة في مصر. واستمرار تساقط عناصر الحرس الثوري الفارسي على يد جيش العدل في بلوشستان، يشكل أزمة حقيقة للدولة الفارسيّة العاجزة عن تكريس احتلالها على الشعوب التي احتلت أقاليمها منذ عشرات السنين، فما بالك بالشعوب العربيّة المنتفضة ضد الهيمنة الأجنبيّة الفارسية، التي تسعى طهران إلى السيطرة عليها منذ سنوات قليلة فقط كشعب العراقوسوريا واليمن. وإخفاقات الدولة الفارسيّة في تسويغ مشروعها لشعبها، يقابلها إخفاقات طهران على الصعيد الإقليمي والدولي، وعجز الأخيرة عن تحسين صورتها أمام دول وشعوب المنطقة والعالم، فاللعبة الفارسيّة أصبحت مكشوفة وحرب الفرس المعلنة ضد العرب باتت مفضوحة للجميع، حتى جاءت «عاصفة الحزم» العربيّة لتعلن عن «القادسيّة الثالثة» وهزيمة الفرس أمام العرب، ولتؤكّد العاصفة أنّه لا كسرى بعد هلاك كسرى.