قال وزير الخارجية، الأمير سعود الفيصل، إنه إذا لم ينتهِ الانقلاب الحوثي في اليمن سلمياً فسيتم اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية المنطقة، مشدداً على رفض الانقلاب وداعياً إلى الاستجابة العاجلة لدعوة الرئيس عبدربه منصور هادي إلى عقد مؤتمر في الرياض تحت مظلة مجلس التعاون الخليجي؛ تشارك فيه الأطياف السياسية الراغبة في المحافظة على أمن واستقرار اليمن. وربط الفيصل، خلال مؤتمر صحفي مشترك عقده أمس في الرياض بحضور نظيره البريطاني فيليب هاموند، بين الحل في اليمن ورفض الانقلاب، واعتبر أن «الحل لا يمكن الوصول إليه إلا بالانصياع للإجماع الدولي برفض الانقلاب وكل ما ترتب عليه، بما في ذلك الانسحاب الحوثي المسلح من مؤسسات الدولة كافة وتمكين الحكومة الشرعية من القيام بمهامها الدستورية». ووصف الوزير أمن اليمن وأمن دول مجلس التعاون بأنه «كل لا يتجزأ»، ونبَّه إلى أهمية الاستجابة العاجلة لدعوة الرئيس عبدربه منصور هادي لعقد مؤتمر الرياض، لافتاً إلى تأييد الحكومة البريطانية هذا المؤتمر. في السياق ذاته، أوضح الفيصل أن المملكة حريصة على حماية الشعب اليمني والشرعية اليمنية ولا تنظر إلى الأزمة من منظور حماية الدبلوماسيين السعوديين أو السعوديين المقيمين في اليمن فحسب. وشدد على أهمية أن يقرر الشعب اليمني ما يراه في صالح وطنه، وأبدى استعداد المملكة لدعم أي إجراء يراه الأشقاء اليمنيون في صالحهم، متوقِّعاً أن يهبّ كل أصدقاء اليمن لمساعدته إذا ما طلب ذلك خصوصاً إذا كان هناك تعد على الشرعية؛ إذ يمكن تحقيق ذلك من خلال تنفيذ المادة 51 من ميثاق الأممالمتحدة. وعن العلاقات السعودية- البريطانية، أكد وزير الخارجية أنها عميقة وتاريخية ووطيدة تقوم على الاحترام المتبادل وخدمة المصالح المشتركة والسعي الدؤوب نحو تحقيق الأمن والسلم الدوليين «الذي انعكس بشكل واضح من خلال زيارة الوفد السعودي رفيع المستوى للمملكة المتحدة برئاسة ولي ولي العهد؛ وجرى خلالها بحث العلاقات الثنائية من جوانبها كافة والدفع بها لآفاق أرحب». وقال «امتداداً لهذا التعاون بين البلدين استقبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – معالي الوزير هاموند، كما استقبله سمو ولي العهد الأمين، وعقدتُ ومعاليه جلسة مباحثات موسعة استكملنا فيها مناقشة المواضيع والملفات الإقليمية والدولية كافة المهمة لبلدينا، خصوصاً في ظل الوضع الخطير الذي تمر به المنطقة وما يتطلبه من تبادل للرأي والمشورة وتنسيق المواقف والاتفاق على طرق مواجهتها». وأشار الفيصل إلى التصعيد الخطير في اليمن جراء الانقلاب الحوثي باعتباره في مقدمة هذه الملفات نظراً لما يشكله من تهديد لأمن واستقرار اليمن والمنطقة بل والعالم بأسره، مبدياً ارتياحه ل «الدور الإيجابي والبناء للمملكة المتحدة البريطانية إلى جانب المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي والشركاء الدوليين؛ سواءً في دعم المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، أو من خلال الرئاسة المشتركة لمؤتمر أصدقاء اليمن». وفي موضوعٍ آخر، أوضح الأمير سعود الفيصل أنه استعرض مع نظيره البريطاني جهود مجموعة (5 + 1) ومفاوضاتها لحل أزمة الملف النووي الإيراني بالطرق السلمية والعمل على ضمان عدم تحول هذا البرنامج إلى سلاح نووي من شأنه تهديد أمن المنطقة والعالم «خصوصاً في ظل السياسات العدوانية التي تنتهجها إيران في المنطقة وتدخلاتها المستمرة في شؤون الدول العربية ومحاولة إثارة النزاعات الطائفية بها». وكشف الفيصل خلال المؤتمر الصحفي أنه اقترح على هاموند حل موضوع السلاح النووي الإيراني بالاعتماد على مقترح الجامعة العربية الرامي إلى جعل منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل، مشدِّداً «من غير الممكن منح إيران صفقات لا تستحقها في المقابل». في السياق نفسه، ندد الوزير بتدخل إيران السافر في العراق وغيرها إلى جانب ممارساتها العدائية وغير المنطقية وقيامها بمزيد من التدخل السافر في دول المنطقة، محذراً من أن الوضع يزداد خطورة بسبب ملفها النووي. وعن زيارة رئيس الوزراء العراقي المرتقبة للرياض، قال «نحن نرحب بهذه الزيارة، والشعب العراقي هو الذي يقرر مصيره وما يرى أنه في صالحه». وتحدث وزير الخارجية خلال المؤتمر عن مواجهة تنظيم «داعش» الإرهابي، إذ قال إن مباحثاته مع الوزير البريطاني «تناولت الجهود المشتركة ضمن التحالف الدولي لمحاربة التنظيم». واعتبر أن هذا «التنظيم يؤكد اليوم تلو الآخر أنه لا يعدو كونه شكلاً من أشكال الإرهاب العابر للحدود والقارات؛ والذي يستدعي منا محاربته دون هوادة وفق استراتيجية واضحة بأهداف محددة وإمكانيات مؤثرة والتصدي له بروح جماعية تقي العالم من مخاطره وتقتلعه من جذوره». ويواجه التحالف الدولي إرهابيي «داعش» في العراق وسوريا. وفي سياقٍ متصل بالأزمة السورية، نبَّه الفيصل إلى ضرورة أن لا يكون لبشار الأسد وكل من تلطخت يده بدماء السوريين أي دور حالي أو مستقبلي في الترتيب الذي يتضمنه إعلان جنيف 1. وأشار إلى «إجماعٍ دولي على كون مبادئ الإعلان تشكل إطار الحل السلمي للأزمة؛ وذلك من خلال تشكيل هيئة انتقالية للحكم تتمتع بصلاحيات كاملة تمكِّنها من استلام زمام الأمور وإدارة شؤون البلاد من مختلف الجوانب السياسية والأمنية والعسكرية بمشاركة واسعة من السوريين بأطيافهم السياسية والدينية والعرقية كافةً دون استثناء». وتابع «في نظر المملكة وحتى يتسنى بلوغ هذا الهدف؛ فإنه من المهم دعم المعارضة المعتدلة عسكرياً بغية تحقيق التوازن على الأرض». وفي شأن النزاع الفلسطيني- الإسرائيلي؛ ناقش الفيصل وهاموند المستجدات. وقال الفيصل للصحفيين «ناقشنا أيضاً مستجدات النزاع الفلسطيني- الإسرائيلي»، موضحاً أن المملكة ترى أن تصريحات رئيس وزراء الكيان الصهيوني وتعهداته بعدم قيام دولة فلسطينية في عهده؛ تشكل تحدياً صارخاً للإرادة الدولية ومبادئ شرعيتها وقراراتها والاتفاقيات المبرمة في هذا الشأن. واعتبر أن ذلك يتطلب من المجتمع الدولي الاضطلاع بمسؤولياته تجاه هذه السياسات العدوانية «إذا ما أردنا فعلاً بلوغ الحل العادل والدائم والشامل للنزاع وإعادة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وإقامة دولته المستقلة والقابلة للحياة».