أرامل، مطلقات، أيتام، فقراء، عجزة، مواطنون، اضطرتهم ظروف الحياة إلى اللجوء للجمعيات الخيرية لتساعدهم في التغلب على مصاعب الحياة. وفي هذه الجمعيات يقبع عدد من محبي العمل الخيري الذين يعملون بإخلاص وصدق. وفي الوقت ذاته هناك من يستغلها لتحقيق مصالح شخصية بحتة باسم العمل الخيري، حتى لو كان ذلك على حساب المحتاجين. ففي إحدى حلقات برنامج الثامنة مع داود تناول معاناة نزلاء مساكن جمعية البر بمكةالمكرمة، وقام بالاتصال مع بعض المستفيدات من كبيرات السن من الأرامل والمطلقات ومواجهة بعض المسؤولين. هذه لم تكن المرة الأولى ولا الأخيرة التي تتناول وسائل الإعلام فيها وضع الجمعيات الخيرية ومعاناة المستفيدين منها. إن من يقترب من الجمعيات الخيرية سواء بالعمل الرسمي أو التطوعي في بلادنا سوف يصاب بصدمة لم تخطر له على بال. فهناك ملايين الريالات التي تتدفق على تلك الجمعيات من الشركات والأفراد ومحبي العطاء. إننا لو تابعنا فقط الأرقام المهولة للتبرعات لواحدة من تلك الجمعيات، لأيقنا أن الخير مازال باقيا في أمة محمد صلى الله عليه وسلم. فلنفترض أن تبرعات بعض التجار هي من باب الرغبة في الشهرة أو لأهداف أخرى. فهذا لا يهمنا كثيرا حيث إن الصدقة بين العبد وخالقه. ما يهمنا أن مالاً وفيراً يصل إلى أيدٍ في هذه الجمعيات يفترض فيها المحافظة عليه، وصرفه للأهداف المقررة له وبكل أمانة. الجمعيات الخيرية يفترض فيها أن تكون مصدرا لمشاريع تدر مالا بشكل دائم للمحتاجين حتى لو انقطعت مساهمات التجار، وأن تقدم تلك الأموال في مجالات واضحة ولا تكون مصدراً للفساد, فتاريخ كثير من تلك الجمعيات شاهد على تغلغل بعض الفاسدين الذين تاجروا حتى بغذاء المحتاجين وكسوتهم وفرحتهم. دموع هؤلاء المحتاجين وتنهدهم من مشاعر بالغة، لا يمكن أن يمسحها وجود مثل هؤلاء الفاسدين. لذا لابد من إعادة هيكلة وأنظمة تلك الجمعيات حتى لو أصبح الجميع موظفين رسميين وليسوا متطوعين، ليمكن السيطرة عليها وضبطها. أو دعوا التجار يتبرعون بطريقتهم، ففي مدينة مكة مثلاً كانت هناك الأربطة وهي مساكن للمحتاجين، واستفاد منها كثيرون على مدى التاريخ. أو أن تتطور هذه الجمعيات لتواكب النظم العالمية.