فرع هيئة الهلال الأحمر السعودي بعسير يكمل استعداداته في يوم التأسيس    انطلاق أعمال جمعية أثر التعليمية    الداخلية: ضبط (21222) مخالفاً لأنظمة الإقامة والعمل خلال أسبوع    يوم التأسيس تاريخٌ مجيد ومستقبلٌ واعد    أسرة حسام الدين تحتفي بعقد قران أحمد ويوسف    انهيار مبنى إثر حريق ضخم في الأرجنتين        القيادة الإماراتية تهنئ خادم الحرمين وولي العهد بمناسبة ذكرى يوم التأسيس    "السعودية في العصر الرقمي: من جذور التأسيس إلى ريادة المستقبل"    الأمين العام لمجلس التعاون يهنئ خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد بمناسبة ذكرى يوم التأسيس    رباعي هجوم الاتحاد .. الأقوى    صقورنا في مهمة عبور (سور) الصين    جابر ل«عكاظ»: الأخطاء الدفاعية ستحسم «الكلاسيكو»    وزارة الداخلية تحصل على جائزة المنتدى السعودي للإعلام (2025) في مسار الأنشطة الاتصالية الإعلامية عن حملة "لا حج بلا تصريح"    كأس السعودية للخيل| "سكوتلاند يارد" يتألق بلقب كأس طويق    الملاكمون يواجهون الميزان في الرياض قبل ليلة الحسم لنزال "The Last Crescendo" اليوم السبت    اكتشاف النفط.. قصة إرادة التنمية السعودية    السعودية.. أعظم وحدة في العصر الحديث    إخماد حريق للغابات بمقاطعة "جانجوون" في كوريا الجنوبية    العز والعزوة.. فخر وانتماء    يوم التأسيس السعودي: ملحمة تاريخية تجسد هوية الوطن    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق تداولاتها على تراجع    بدعوة كريمة من ولي العهد.. انعقاد اللقاء الأخوي التشاوري في مدينة الرياض    الدرعية.. ابتدينا واعتلينا    انخفاض درجات الحرارة في عدد من مناطق المملكة    يوم التأسيس: امتداد لحضارةٍ مستدامة وعريقة    «الأسواق الناشئة».. السعودية تعالج تحديات اقتصاد العالم    فهد العجلان: يوم التأسيس يجسد مسيرة الكفاح وبناء دولة عصرية    «أنوار المباني» شاهد عيان على التنمية المستدامة    تأسيس الحوكمة.. السعودية تحلق في فضاءات «الرقمنة»    يوم التأسيس.. جذور التاريخ ورؤية المستقبل    لائحة الأحوال الشخصية تنظم «العضل» و«المهور» ونفقة «المحضون» وغياب الولي    الدولة الأولى ورعاية الحرمين    غبار المكابح أخطر من عادم السيارات    السعودية منارة الأمل والتميز الطبي    وزير الاتصالات يجتمع بقادة كبرى الشركات العالمية    من التأسيس إلى تنمية الإنسان.. جذورٌ راسخةٌ وقيمٌ شامخة    ذكرى التأسيس.. بناءٌ وتكريس    سفير جيبوتي: التأسيس نقطة انطلاق نحو نهضة حضارية وسياسية عظيمة    السعودية.. «حجر الزاوية» في النظام الإقليمي    مدرب الاتفاق ينتقد رونالدو ودوران    الفتح أول المتأهلين لممتاز كبار اليد    يوم بدينا    الماضي ومسؤولية المستقبل    السعودية من التأسيس إلى معجزة القرن ال 21    من الدرعية إلى الأفق.. يوم التأسيس ورحلة المجد السعودي    الخطة أن نبقى أحياء بين المؤسسين عبدالرحمن الداخل ومحمد بن سعود    ضبط شخصين في الرياض لترويجهما مواد مخدرة    في يوم التأسيس نستذكر تاريخ هذه الدولة العريق وأمجادها الشامخة    ضبط وافدين لمخالفتهما نظام مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص في الرياض    وزارة الشؤون الإسلامية تنظم ندوة علميّة تزامناً مع ذكرى يوم التأسيس    قادة الخليج والأردن ومصر يتوافدون لعاصمة القرار العربي    قرارات ترمب المتطرفة تفاقم العزلة الدولية وتشعل التهديدات الداخلية    كبار علماء الأمة يثمنون رعاية خادم الحرمين لمؤتمر بناء الجسور بين المذاهب    احتمالية الإصابة بالسرطان قد تتحدد قبل الولادة    الهرمونات البديلة علاج توقف تبويض للإناث    الصداع العنقودي أشد إيلاما    قطر تؤكد أن استقرار المنطقة والعالم مرتبط بحل عادل وشامل للقضية الفلسطينية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تهيؤات غير متحضرة لرجل متحضر جداً (1 - 2)
نشر في الشرق يوم 19 - 02 - 2012

انطلاقا من التعريف الذي يكاد يتفق عليه منظرو العلوم الإنسانية وعلماؤها للحضارة، فأنا رجل متحضر جداً.
فتعريف الحضارة مختلف عن تعريف الثقافة والتعليم، وينحصر نسبيا في الأدوات التي يتوصل إليها الإنسان ويقوم بتطويرها، ومن ثم يستخدمها في حياته اليومية خلال الحقبات المختلفة من معيشته على الأرض.
من خلال هذا التعريف الذي يختلف معي الكثيرون في تأطيره بهذا الشكل المقتضب، ولكوني أستخدم آخر أدوات الحضارة المعاصرة ومكتسباتها، من الحاسب المحمول والهاتف الذكي إلى العطر الباريسي وفنجان (الأكسبرسو) الذي أتناوله في المقهى الأنيق أول كل شهر، فأنا متحضر ولا جدال في ذلك. ما ينغص عليّ الأمر أحيانا، هو تلك التهيؤات المتشككة والرجعية التي تطفو على سطح تفكيري ولا تتناسب لا مع أناقة مظهري ولا مع معاصرة الأدوات الرقمية المتقدمة التي أمارس من خلالها حياتي اليومية.
ولكوني شخصا أنانيا ويزعجني تقييمي السيئ لنفسي التي أؤمن -سراً- بعظمتها، فإنني دائما ما أتخلى عن صراعاتي الداخلية وألقيها إلى الآخرين ببراءة ظاهرة وبخبث مبطن؛ ليتصارعوا معها قليلا قبل أن يلقوها في أقرب حاوية أفكار لديهم.
من هنا سأقوم عزيزي القارئ بإلقاء بعض تهيؤاتي غير المتحضرة عليك، لتفعل أنت فيها ما تشاء.
إلى أن أحاول بلورة ما يمكن إضفاء المنطقية عليه منها، وصياغته بشكل منطقي تمكننا من خوض نقاش مفتوح فيه من خلال مقالات مستقلة في المستقبل المنظور.
كلما أمعنت النظر في نفسي.
في ما أعرفه وأعتقد أنني أؤمن به بشكل حقيقي وصادق ليعود وينكسر في كل مرة على محك محاولاتي لتطبيقه كسلوك شخصي في حياتي اليومية، استغربت من جرأة الأشخاص وحتى المؤسسات على تبني الأفكار والتنظير لها والخروج بمظهرها على الملأ، في حين أن غالبية تصرفاتهم الشخصية مناقضة لها بشكل صارخ في الغالب.
هذا الأمر يربكني ويشككني بشكل قاس في نفسي وفي معارفي التي أدّعي في قرارة نفسي بأنني جمعتها بإخلاص عبر سنوات من الفشل والشك والألم النفسي والفكري.
أعود في كل مرة إلى مراجعي العلمية التي لطالما آمنت بأنني تحريت ومن ثم فرزت دقتها بحرفية، والتي تعود بدورها وتؤكد مع كل معاودة مراجعة على أن المعرفة العلمية المجرّدة يمكن اكتسابها ونقلها وتطبيقها من مجتمع بشري إلى مجتمع بشري آخر، ولكن مجموعة الأفكار (الأيديولوجيا) التي تنشأ في مجتمع لا يمكن نقلها أو تبنيها من قبل مجتمع آخر لم يعايش حيثيات وظروف ولادتها.
هذا التناقض ما بين رؤيتي ومحاولاتي الشخصية، وما بين ما يراه ويمارسه المجتمع الإعلامي والأكاديمي بجرأة غريبة، يتصاعد كسؤال خبيث في ذهني: هل أنا إنسان معطوب في رأسه، أم أن مجتمعنا تخلى عن رأسه؟ لطاما حاولت أن أتبنى الأفكار المستوردة كما يفعل المتحضرون.
أن أكون ليبرالياً أتقبل الآخر على اختلافه فمنعتني عقليتي العربية القبلية الصدامية أن أكون علمانيا (بمعناها الشعبي المتعارف) أو ماركسيا فمنعني موروثي وثقافتي الإسلامية المتجذرة في ذاتي كثابت.
في مقابل كل مستورد لطالما حاولت أن أكون إسلاميا منتميا لتكتل أو جماعة فمنعني الخطاب الديني العاطفي وتناقض هذا الخطاب مع السلوك أيضاَ.
في هذه الفوضى الفكرية وغياب الانتماء لديّ، ولكوني كائنا مفتونا بنفسه كما الجميع، فإنني أبرئ رأسي من العطب. وأخلق عشرات التهيؤات بأن هناك حالة من الكذب العام تسيطر على المجتمع.
كلما أمعنت النظر في ما يدور من جدل في مجتمعنا، تصاعدت لديّ التهيؤات، وتصاعدت معها في رأسي عقدة المؤامرة بشكل غير منطقي وغير علمي أيضا. تداهمني تصورات تكاد تكون جازمة -بشكل يدعو للسخرية والضحك حتى منّي عليّ أحيانا- بأن المتنفّذ الليبرالي والواعظ الإسلامي يسهرون في استراحة واحدة، يتبادلون النكت الساخرة ويبصقون على الأفكار التي في الشارع. وفي الاستراحة المجاورة يسهر الكاتب الصحفي الشجاع والمدافع عن حق المواطن مع المسؤول الحكومي الفاسد، يتقاسمون بحميمية مكاسب الأموال وولاءات المعجبين ويضحكون (مال لك. معجب لي، مال لك. معجب لي ،هههههه). أما المثقف النخبوي فهو قناص مشغول ما بين الادعاء بأنه معزول عن المجتمع والاستراحات وما بين الانقضاض على هذا المجتمع لانتزاع ما يدرك من سلطة هذه الاستراحات وتكديسها في خزينته. آسف، أقصد صومعته الفكرية. أما الأكاديمي فإنه يتنقّل ما بين هذه الاستراحات باستمرار وبإصرار يحسد عليه، يبحث فيه عن دور يلعبه بلا جدوى، ليعود منهكا كل صباح إلى طلبته المساكين ويحقن في رؤوسهم -متخايلا كطاووس- أهمية الموقف وفضيلة العلم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.