حوالي 2% من الحمل يكون خارج الرحم و15% من حالات الوفيات للأمهات في أشهر الحمل الأولى تكون بسبب الحمل خارج الرحم حيث تزرع البويضة نفسها في المكان الخطأ (غالباً في قناة فالوب) وحين يكبر الجنين تنفجر القناة مسببة نزيفا داخليا ومهددة حياة الأم، ولإنقاذ الأم يجب التخلص من الجنين في أسرع وقت ممكن إما أن يسقط بالأدوية أو بالتدخل الجراحي. رجال الكنيسة الكاثوليكية (كما كل رجال الدين) لهم كلمتهم بخصوص الحمل خارج الرحم. إسقاط الجنين بشكل مباشر حرام وغير مسموح به مهما كانت الأسباب لأن فيه قتل نفس. إذا هل ندع الأم تموت؟! طبعاً لا، ولكن ننقذ حياتها دون استئصال للجنين بشكل مباشر ولكن باستئصال قناة فالوب التي تحمل الجنين، «وين أذنك ياجحا!» بعد استئصال قناة فالوب، لا يتبقى عند الأم إلا قناة فالوب واحدة فقط مما يضعف احتمالية حملها في المستقبل ولكنها يجب أن ترضى بقضاء الله وقدره. عندنا في الإسلام قضايا مشابهة مع تطور الطب وتقنيات التشخيص تمكنا من كشف كثير من تشوهات الأجنة في بداية الحمل سنضرب مثالا لاثنين من أبرز أسباب الإعاقات في المواليد «متلازمة داون» و«متلازمة الصلب المشقوق». متلازمة داون أصبح من الممكن اكتشافها عن طريق أخذ مقاسات رقبة الجنين في الأسبوع 11 من الحمل. متلازمة الصلب المشقوق يمكن أن تكتشف في الأسبوع 15 من الحمل في الدول المتقدمة حين تكتشف الأم أن جنينها عنده تشوه خلقي يجعل منه معاقا عقلياً أو جسدياً فإنها في الغالب تختار إجهاضه. بمجرد اكتشاف المشكلة يعرض عليها الطبيب خيار الإجهاض والغالبية العظمى تجهضه (ما عدا المتشددين وهم قلة). خيار الإجهاض خيار طبيعي ومنطقي، فمن يريد طفلا معاقا يتعذب ويعذب أهله ويستهلك موارد البلد! لو حصلت الإعاقة بعد الولادة أو في عمر متقدم سنقبل بها ونتعامل معها محاولين تحسين حياة المعاق قدر الإمكان ولكن وهو جنين لماذا نحافظ عليه؟! تطور تقنية اكتشاف متلازمة داون وإسقاط الجنين المصاب يعني أنها ستنقرض من الدول المتقدمة وستوجد فقط في الدول الفقيرة التي لا تمتلك تقنية التشخيص المبكر أو الدول المتدينة التي تسير وفقاً لرأي رجال الدين الكاثوليك أو المسلمين. أجاز الفقهاء المسلمون إجهاض الجنين إذا كان في بقائه تهديد لحياة الأم بشرط أن يكون ذلك قبل أن تنفخ فيه الروح. والروح تنفخ – بعضهم قال- قبل اليوم 120 (الأسبوع 17) وبعضهم الآخر قال قبل اليوم 40 (الأسبوع 5 أو 6). لكن غالباً الجنين المشوه ليس فيه خطر على حياة الأم لذلك لا يجوز إجهاضه. إنتشار زواج الأقارب وتحريم إجهاض الأجنة المشوهة والوعي منخفض ومرافق غير مكيفة للمعاقين تساوي أعدادا كبيرة من المعاقين المحبوسين في البيوت مع الخدم لصعوبة إخراجهم أو لأنهم يسببون الإحراج لأهلهم حتى لا نكاد نرى معاقا في الشارع. وكأننا نتعمد تطبيق أسوأ معادلة ممكنة! أضف إلى ذلك المعاقين بسبب حوادث الطرق لعدم توفر خدمات نقل آمنة وميسرة، وقد أعلنت منظمة الصحة العالمية أن طرق السعودية الأكثر خطورة عالمياً! في أوربا مثلاً لا يوجد زواج أقارب وأغلب الأجنة المشوهة يتم إجهاضها و الوعي مرتفع والقانون يفرض تكييف كل المرافق للمعاقين تساوي أعداد معاقين قليلة جداً ولكنهم يعيشون حياة جيدة ونراهم في كل مكان يعملون ويتزوجون ويعيشون في بيوت مستقلة يدعمهم المجتمع والدولة، بالإضافة إلى وجود شبكة قطارات آمنة للتنقل. تغييرات بسيطة (كتشجيع إجهاض الأجنة المشوهة وشبكة قطارات) تشكل فرقا هائلا في حياتنا وتجعلنا أقل بؤساً وأيضاً تخفف الضغط على موارد الدولة. ولكن لماذا لا يكون ذلك؟ من يقف في طريقنا؟!