تحتفي الرياض هذه الأيام بالكتاب في تظاهرة ثقافية مميزة، هذه التظاهرة الجميلة وبعيداً عن غايتها الرئيسة لفتت نظري إلى بعض تجليات المشهد الكبير ووضوح الرؤية حيال بعض النقاط المُشكِلة في نسيج الحياة الاجتماعية السعودية؛ فعلى سبيل المثال استمر النقاش لعقود طويلة عن جدوى إغلاق المحلات بعد الأذان كونها مسألة خلافية جرت العادة على اتباعها في المملكة تعظيماً لهذه الشعيرة ولإتاحة الفرصة للعاملين في المحلات وغيرهم لأداء الصلاة في وقتها. وعلى الرغم من الجدل الكبير حول مدى شرعية هذه الخطوة من عدمها (وليس المجال هنا لنقاشها) إلا أن من حضر في المعرض يجد أن الأمر يسير بسلاسة طبيعية من خلال استمرار عمل المحلات والمعارض واصطفاف المصلين في الساحات والممرات في المعرض لأداء صلاة الجماعة في وقتها دون الاضطرار للإغلاق لأكثر من 45 دقيقة في وجه الجميع من نساء ومسافرين مرخص لهم بالجمع والقصر وغيرهم. هذا الأمر يعتبر هو السائد أيضاً في عدد غير قليل من المؤسسات والوزارات والمستشفيات والجامعات وغيرها للصعوبة البالغة في إيقاف كل أعمال الحياة مهما كانت في وقت واحد قصير نسبياً، وهو أمر كفلته الشريعة بتحديد أوقات الصلوات في فترات طويلة نسبياً تتماشى مع متطلبات وأشغال الحياة، وليس في حصرها قسراً على النصف ساعة الأولى فقط من دخول الوقت، وهو الأمر الذي أيدته السنة النبوية حيث صلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- العشاء في أول وقته وآخره كما في حديث جابر بن عبدالله -رضي الله عنه-: «كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم – يصلي الظهر بالهاجرة، والعصر والشمس نقية، والمغرب إذا وجبت الشمس، والعشاء أحيانا يؤخرها وأحيانا يعجل، إذا رآهم اجتمعوا عجل، وإذا رآهم أبطأوا أخر.. الحديث) المعرض ربما يمثل عينة قياس يمكن تعميمها للنظر في تعزيز رسم صورة عن هذا المجتمع المحافظ الملتزم بالفطرة، دون الحاجة إلى خطوات احترازية مبالغ فيها.