السعودية: تحركات المجلس الانتقالي الجنوبي في حضرموت والمهرة تمت دون موافقة مجلس القيادة الرئاسي أو التنسيق مع قيادة التحالف    نائب أمير تبوك يواسي أسرة الخريصي في وفاة الشيخ أحمد الخريصي    جامعة أمّ القرى تعلن فتح بوابة القبول في برامج الدراسات العليا للعام الجامعي 1448ه    جامعة أمّ القرى تدعو لزيارة الواجهة الثقافية ضمن فعاليات شتاء مكة.    عبدالعزيز بن سعود يلتقي متقاعدي إمارة منطقة الجوف وقطاعات وزارة الداخلية بالمنطقة    أمير القصيم يرأس اجتماعًا مع وزير الاستثمار لبحث الفرص الاستثمارية    إطلاق تطبيق المطوف الرقمي في الحرم    تطبيق علاج وقائي للحد من تطور السكري    سلطان عمان يمنح قائد الجوية السعودية «الوسام العسكري»    الشيباني: العلاقات مع روسيا تدخل مرحلة إستراتيجية جديدة.. الداخلية السورية تتهم «قسد» بالتجنيد الإجباري في حلب    صندوق الطائرة الأسود قرب أنقرة.. تركيا تعلن العثور على جثة رئيس الأركان الليبي    نقاشات أمنية وسياسية تسبق لقاء نتنياهو وترامب.. حدود جديدة لإسرائيل مع غزة    المملكة في صدارة الدول بالترفيه الرقمي ب34 مليون مستخدم    إثارة دوري روشن تعود بانطلاق الجولة ال 11.. النصر والهلال يواجهان الأخدود والخليج    في دوري أبطال آسيا 2.. النصر يدك شباك الزوراء العراقي بخماسية    إنفاذاً لأمر خادم الحرمين الشريفين.. تقليد نهيان بن سيف وشاح الملك عبدالعزيز    40 ألف متدرب مخرجات الأكاديمية الصحية    تنفيذاً لتوجيهات خادم الحرمين وولي العهد.. وزير الداخلية يطلع على مبادرات الجوف التنموية    هندية تصلح عطلاً برمجياً في حفل زفافها    «الجوازات» تصدر 17.767 قراراً إدارياً بحق مخالفين    استدعاء 40 شخصاً نشروا «محتوى يثير التأجيج»    ارتفاع النفط والذهب    موسم جازان هوية ثقافية ومنافسة شبابية    لوحات مجدي حمزة.. تجارب من واقع الحياة    درة تعود للدراما ب«علي كلاي»    51 اتفاقية لتنمية ريادة الأعمال    وزير الشؤون الإسلامية يستقبل سفير المملكة بنيبال    15 % نمواً في الربع الثالث.. 88.3 مليار ريال مبيعات إلكترونية    الإطاحة بطبيبة المشاهير المزيفة    "خيسوس": قدمنا أداءً مميزاً رغم التوقف الطويل    السعودية تشكل المشهد التقني    أوروبا تندد بحظر أميركا منح تأشيرات لشخصيات من القارة    11 شكوى يوميا بهيئة السوق المالية    14 دولة تدعو إسرائيل إلى وقف التمدد الاستيطاني    المعركة الحقيقية    الشتاء والمطر    الرئيس الفلسطيني يعلن برنامج إصلاح وطني شامل    السعودية تتصدر سوق القهوة ب 5100 علامة تجارية    نائب أمير تبوك يواسي أسرة الخريصي في وفاة الشيخ أحمد الخريصي    عبدالعزيز بن سعود يلتقي أهالي منطقة الجوف    الصالحاني يضع أسس البداية عبر «موهبتك لا تكفي»    معرض «وِرث» ينطلق في جاكس    «النسر والعقاب» في ترجمة عربية حديثة    الشباب يعلن غياب مهاجمه عبدالرزاق حمد الله لقرابة شهرين    نيفيز يُشعل الصحف الأوروبية.. انتقال محتمل يربك حسابات الهلال    مرحوم لا محروم    غالتييه: أحترم النجمة.. وهدفنا الفوز    الفتح يكثف تحضيراته للأهلي    النيكوتين باوتشز    أمير الشرقية: تلمس الخدمات من أولويات القيادة    القبض على (3) باكستانيين في جدة لترويجهم (3) كجم "حشيش"    هياط المناسبات الاجتماعية    سفير المملكة في جيبوتي يسلّم درع سمو الوزير للتميّز للقحطاني    فيصل بن بندر يستقبل رئيس وأعضاء مجلس إدارة جمعية "مكنون" لتحفيظ القرآن الكريم بالرياض    الجوازات تصدر 17.767 قرارا إداريا بحق مخالفين لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود    القيسي يناقش التراث الشفهي بثلوثية الحميد    الضحك يعزز صحة القلب والمناعة    المشروبات الساخنة خطر صامت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خرائط النفس الإنسانية
نشر في الشرق يوم 07 - 03 - 2015

النفس الإنسانية لا تشكّل لحناً شاذاً في منظومة الوجود، ولكن قطاع التغيير فيها يختلف عن العالم المادي أو البيولوجي ف(وحدة التأثير – UNIT) هنا هي (الفكرة) إضافةً أو تعديلاً أو ابتداءً، واعتبرت الآية القرآنية أن إمكانية تغيير ما بالنفس ممكن، والواقع يمدّنا بشواهد يومية على ذلك، بل إنها ربطت تغيير الواقع، ومن خلال سُنّة الله في خلقه، بتغيير رصيد ما بالنفوس (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)، ففي هذه الآية الرائعة التي تشكل بناءً أساسياً وفكرة مفصلية في منظومة المعرفة الإسلامية (الأبستمولوجيا) تنقدح (حزمة) من الأشعة الفكرية!! أولها إن الإرادة الإلهية شاءت أن يقوم التغيير الاجتماعي على أساس مجموعة من السنن المحكمة، ومن هذه السنن (الجهد الإنساني)، فالله لا يغير الواقع الاجتماعي، ما لم يتدخل الفعل الإنساني، على كل تفاهته وضعفه، فلولا الماء المهين الذي يخرج مع المني الذي نقذفه (نحن) ما تمت عملية الخلق التي لا حدود لروعتها، وهذا تكريم إلهي للإنسان على دوره في هذا الوجود من خلال وظيفة الاستخلاف التي أُنيطت به.
كذلك فإن هذا القانون دنيوي أرضي، فحظوظ الإنسان في الدنيا تتعلق بالمجتمع الذي يحيا فيه الإنسان، فلو خُيِّر الطفل اليوم بين أن يولد في رواندا أو ألمانيا، لاختار قطعاً ألمانيا، والسبب بسيط هو وجود الضمانات، فمنذ اليوم الأول من ولادة الإنسان، تكون حظوظه أن لا يموت بالأمراض، و أن لا يُقتل بحرب أهلية، و أن لا يموت جوعاً، أو أن يكون منعماً غنياً عنده مهنة ممتازة، أو أن يحصِّل تدريساً عالياً، ولا يعني هذا أن كل من يولد في رواندا يكون فقيراً، أو مَن يولد في الصومال يكون مريضاً، أو مَن يولد في أفغانستان وسوريا مقطوع الساقين بقذيفة مدفع، ولكن احتمالات كل هذه وبنسبة تتراوح تزيد وتنقص حسب الوضع التاريخي للمجتمع، فلو وُلد الفرد في ألمانيا قبل نصف قرن لربما قتل في إحدى الجبهات، ولو ولد يهودياً لربما قضى نحبه في أحد معسكرات الاعتقال النازية، ولو ولد في سوريا بعد قرن سيتعجب من أفاعيل بشار البراميلي؟
المسؤولية والحساب في الآخرة فرديّان (ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة) في حين أن الكوارث الاجتماعية تتناول كل شرائح المجتمع (واتّقوا فتنة لا تصيبنَّ الذين ظلموا منكم خاصة). وفي حديث (السفينة) عبرة كبيرة للمشكلة الاجتماعية؛ فعندما تنطلق القوارض؛ من جرذان السفن الاجتماعية تنهش في قعر السفينة ثقْباً، فإن الذي يغرق في هذه الحالة الجميع دون استثناء، بما فيهم القوارض الحمقاء التي لا تبصر أكثر من أرنبة أنفها، بتضخّم الذات المريضة السرطانية على حساب المجتمع.
ثم إن هذا القانون بشري، يضم تحت شموليته كل البشر مؤمنين وملحدين، مسلمين وكافرين، وهذا يطلق شرارة يقظة على عدة مستويات:
المستوى الأول: إن الكون مسخَّر (كمونياً) بالقوة، يتسخّر مجاناً لمن يدرك قوانين تسخيره، بغض النظر عن العقيدة التي يعتنقها، فهو حقل متاح للجميع (كلاً نمدّ هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربِّك وما كان عطاء ربِّك محظوراً).
وهكذا طيّر الأمريكيون الحديد في الهواء، وأطلق اليابانيون الإعصار الإلكتروني من قمقمه، وفتك الصرب يوما بالمسلمين بالسلاح الذي طوَّره الشيوعيون.
المستوى الثاني: ليس هناك محاباة ووساطة ورشاوى في هذا الكون الذي نعيش فيه، وليس هناك قربى وزلفى إلا بالعمل المتقن، والإخلاص دون حدود، والحذر من الأخطاء دون نوم، ويجب أن يدرك المسلمون أنهم يعذَّبون بذنوبهم اليوم، كما عُذِّب اليهود والنصارى من قبل (وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه!! قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق).
كذلك علينا أن نستوعب أن هذا القانون اجتماعي وليس فردياً، فلو أراد فرد أو مجموعة صغيرة أن تغير ما بنفسها، فقد يحصل العكس، فقد تتعرض للسحق تحت قانون (الدجاجة الجريحة) الذي ذكره المؤرخ البريطاني توينبي، من أن الخارجين عن الانضباط الاجتماعي يصبحون مثل الدجاجة المجروحة، فتأتي بقية الدجاجات وتنقر محلّ الجرح النازف حتى الموت!!
كما أن لفظة (ما) في آيةٍ استبدلت بلفظة (نعمة) في آية أخرى، وبذلك فيمكن للنعم أن تتغير لتصبح (نقماً)!! والعكس صحيح؛ من خلال تغيير ما بالنفوس، والنعم كثيرة لا يحصيها العدد، من الصحة والغنى والتعليم والحياة الزوجية الهنيئة، وظروف العمل المريحة، والأمن الاجتماعي، ومقابلاتها من انتشار الأمراض، وفساد التعليم، وسوء نظم القضاء، والتوتر في ظروف العمل، والخوف الاجتماعي، وسطوة الأنظمة الأمنية. وجمعت الآية القرآنية نموذجين متواجهين ﴿وضرب الله مثلاً قرية كانت آمنةً مطمئنَّةً يأتيها رزقها رغداً من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون﴾ (النحل: 112).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.