أكد استشاري الطب النفسي للأطفال والمراهقين في كلية الطب بجامعة الملك خالد الدكتور موسى آل زعلة، أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أسّس مناهج للتعامل النفسي مع الأطفال، وله أحاديث كثيرة عن كيفية بناء شخصيات الأطفال وإعطائهم الثقة بأنفسهم وبما يفعلون، والقصص الدالة على ذلك كثيرة، إلى جانب أسلوب مداعبة الأطفال وملاطفتهم، حيث كان -صلى الله عليه وسلم- من أشد الناس تواضعاً مع الأطفال عامة، ومع أبنائه وأحفاده خاصة، فقد كان يداعبهم ويمازحهم ويحملهم على كتفيه. وأشار إلى أسلوب التربية بالحب الذي كان جلياً في كثير من المواقف الواردة في سيرته صلى الله عليه وسلم، مستشهداً بعدد من القصص والأحاديث الدالة على ذلك، ومن بينها ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه، حيث قال: إن رسول الله التزم الحسن بن علي فقال «اللهم إني أحبه فأحبه وأحب من يحبه»، وقال أبو هريرة: فما كان أحد أحب إليّ من الحسن بعدما قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- ما قال. وأكد خلال محاضرته عن «هدي الرسول -صلى الله عليه وسلم- في التعامل مع الأطفال»، ضمن محاضرات الدرس الشهري «التربية الأسرية في ضوء السيرة النبوية» في جامع الشبلان بحي المنسك في أبها، أن المحاضرات تأتي من أهمية التثقيف بتفاصيل سيرة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- خلال هذه الفترة التي يتعرض فيها الدين الإسلامي وسيرة المصطفى عليه الصلاة والسلام لمحاولات التشويه وتعتيم ملامح الحقيقة، يقول «إن التربية والتعامل وغرس السلوكيات القويمة في الأجيال الجديدة جزء لا يتجزأ من سيرته التي من واجبنا التعريف بها على حقيقتها ونشرها رداً على كل ما يمكنه المساس بها». وتطرَّق الدكتور آل زعلة إلى التربية الدينية وما تحويه من أساليب متنوعة استخدمها الرسول صلى الله عليه وسلم، منها: تلقين الطفل كلمة التوحيد، وتعليم الطفل حب الله تعالى والاستعانة به ومراقبته والإيمان بالقضاء والقدر، ومن ذلك وصيته -صلى الله عليه وسلم- لابن عباس «احفظ الله يحفظك…»، إلى جانب ترسيخ حب النبي -صلى الله عليه وسلم- في نفوس الأطفال، والاهتمام بتعليمهم القرآن الكريم. وتناول آل زعلة جانب التربية بالقدوة، مستشهداً بالطفل الصحابي ابن عباس -رضي الله عنهما- كيف تعلم قيام الليل من رؤيته النبي -صلى الله عليه وسلم- يقوم للصلاة في آخر الليل، مشيراً إلى أن للقدوة أثراً واضحاً في تربية الأطفال، حيث إن الطفل يقلد والديه في كثير من تصرفاتهما. وأشار إلى رحمة النبي -صلى الله عليه وسلم- ورأفته بالأطفال، حيث يظهر ذلك في حرصه -صلوات الله وسلامه عليه- على تقبيلهم رحمة بهم وضمهم وإجلاسهم في حجره، مبيناً كثيراً من المواقف الدالة على اهتمام النبي -صلى الله عليه وسلم- بذلك، كأمره بتخفيف القراءة في الصلاة لبكاء صبي، وقطع خطبته والنزول من منبره ليرحم عثرة الحسن والحسين رضي الله عنهما. إضافة إلى وصيته بالعطف على البنات والنفقة عليهن والصبر على تعليمهن وتربيتهن والقيام بكافة أمورهن، خلافاً لما كرّسته الجاهلية من كرههن ودفنهن والتخلص منهن، فيما ربط عليه الصلاة والسلام هذا العطف الذي وصى به بكثير من الأجر والفضل من الله -سبحانه وتعالى- كالستر من النار.