روى الشيخ أحمد شاكر في كتابه «كلمة الحق» قصة خطيب أراد تملق السلطان حسين كامل في خطبة جمعة، وكان السلطان -الذي حضر في معيته أعيان الدولة- قد احتفى قبلها بالأديب الكفيف طه حسين وكرَّمه قبل ابتعاثه إلى فرنسا. فأراد الخطيب استخدام هذا التكريم في الثناء، فقادته المبالغة إلى القول: «جاءه الأعمى؛ فما عبس في وجهه وما تولَّى»، فما كان من العلامة محمد شاكر والد الكاتب إلا أن قام في الناس معلناً بطلان الصلاة لتعريض الخطيب بمقام الرسول عليه الصلاة والسلام في حادثة الصحابي ابن أم مكتوم رضي الله عنه، وطالب المصلين بإعادتها ففعلوا، حدث بعد ذلك لغط وجدل انتهى إلى وقفة المصريين مسلمين ومسيحيين ضد التطاول على خاتم الأنبياء. ويقسم أحمد شاكر على رؤيته الخطيب الذي كان ذا حظوة ومكانة يعمل بعد سنين في جمع نعال المصلين وحفظها مقابل مبلغ ضئيل من المال. أُطمئِن جميع المُطبِّلين «المهايطين» أن هذا مآل معظمهم أو كلهم، حتى إن ظنوا أنهم نالوا بتزلُّفهم مكاسب سريعة، لأن «المطبَّل له» إنما يقرِّب منه من يثق في أمانته ورزانته وصدقه، والهياط والتطبيل يخالف ذلك كله، لذلك ينتهي الحال بصاحبه مكتسباً صورة المنافق الوصولي، فيعيش محتقَراً مكروهاً. أما الصادق المعتدل في الثناء والنقد، وإن كره المنقودُ نقده يظل ينظر إليه باحترام وتقدير.