مسابقات كرة القدم تُلعب خارج الملعب أكثر من داخله.. حقيقة وواقع موجود ونتائجه ملموسة، وبالتالي نتائج من وحي الخيال. لم أكتب لأصدِّر المجاملة ولستُ راضياً عن ثقافة تتمسح في الفضيلة صباح مساء فيما على أرض الواقع تصنع الكذب والتضليل. اليوم يلعب النصر عبر بعض إعلاميي الفريق وإدارته خارج الملعب كثيراً وهي ثقافة تشرَّبوها ممن سبقهم في هذا المجال. النصر الذي عاد إلينا وكنا سعداء بعودته في طريقه إلى ترك قلوبنا عبر تلك الأساليب المرفوضة؛ فما أقدم عليه رئيس النصر في مباراة الرائد من انفعالات كردة فعل على بعض الأخطاء عبر صافرة الحكم محمد القرني، أصبح بعد أيام أمراً طبيعياً عبر صافرة الحكم عبدالرحمن العمري. لماذا شكا رئيس النصر أمس وصمت اليوم مع أن الحكم ارتكب مجزرة تحكيمية ضد الخليج كان على إثرها هدفان مؤثران، وهل لو خرج رئيس الخليج عن رزانته وهدد وتوعد كانت ستطوله ذات العقوبة التي حظي بها رئيس النصر. عرفتُ الأمير مهذباً وصاحب كلمة جادة وعرفتُه أكثر حكمة في ظروف حالكة السواد في الموسم الماضي، وكان لي شرف التعليق على كل ذلك بعبارات الإعجاب لتغيير سياسة التعبير في خطابه. أما ما رأيته عقب مباراة الخليج فقد أعادني إلى المربع الأول في أن رؤساء الأندية -إلا قليلاً منهم- يمارسون أدواراً بطولية على حساب كرة القدم المحلية. يعترف الأمير ويرحِّب بالخمسين ألفاً التي وقَّعتها عليه لجنة الانضباط، ويزيد بأن العقوبة لو كانت أكثر ويفوز النصر فسيفتح لها قلبه. يجاهر الأمير ضمناً بأن تصريح الأمس أمام الرائد آتى ثماره ليأتي حكم اليوم مضطرباً ومُتردداً في تقدير كثير من الحالات في المباراة. لقد أفسد أسلوب بعض رؤساء الأندية المنافسةَ المحليةَ وأحالوها وعاءً كبيراً للتحدي والقوة والتعصب، وهي طريقة الضعفاء الذين لا يفضلون الكسب المشروع. الحقيقة، أن بعضاً من ممارسات الأندية وعبر أعضاء مجلس إداراتها وعبر شرفييها وبعض إعلامها المتعصب، تلعب دوراً كبيراً ومُباشراً في تجيير نتائج مباريات حاسمة من خلال تصريح فضائي أو رأي تويتري، وهي طريقة كسب غير شريفة لكنها مع الأسف تنجح دون حسيب أو رقيب. تَرَك كل أولئك أرضية الملعب وجعلوا من أهم أركان اللعبة «الحكام» هدفاً استراتيجياً عبر منابر مُتعددة مستفيدين من حالة الضعف التي تسود صُناع القرار الرياضي المحلي. لقد أفسدوا ثقة الحكام وجعلوهم حكاماً مهزوزين وغير قادرين على سبر الخطأ؛ هل هو داخل منطقة الجزاء أمام خارجها، وجعلوهم غير متفهمين لحالات تحكيمية سمحت بأن أقرب لاعب إلى خط مرمى المنافس غير مُتسلل. إن الضغط الذي توليه بعض الأندية كريم عنايتها وتصرف عليه أحياناً ببذخ جعل كثيراً من الأندية المتوسطة تُعاني الأمرَّين؛ فلا هيَ التي حققت مبتغاها في الحصول على منافسة شريفة ولا هي التي توافَرَ بين أيديها مسؤول يحمي ظهرها من سياط الجلاد. اليوم النصر والبارحة الهلال وقبلهما الاتحاد وقد يكون غداً للأهلي، والنتيجة: رياضة في مهب الريح. مع الأسف هكذا تُدار اللعبة؛ فالمسؤول مُطأطئ الرأس أمام تيارات تهدم رياضة وطن، والإعلام ينتهز الفرصة لبيع الوهم، والمتفرج يضحك ويمارس الطقطقة على حساب المنطق والعقل.