تُولي الهيئة الملكية للجبيل وينبع عناية خاصة ببيوت الله استشعاراً منها بأهميتها في حياة المواطنين، ولعل أبرز ما يلاحظه زوار مدينة الجبيل الصناعية النسق المعماري الجميل للمساجد والجوامع المنشأة في المدينة. ويعزوا مسؤولوا الهيئة الملكية بالجبيل هذا التناغم للمعايير التخطيطية والهندسية التي طورتها الهيئة الملكية، والمستقاة من الخطة العامة للمدينة، ومن دليل المعايير التصميمة والتخطيطية للمساجد الذي تم بلورته من خلال ورش عمل جمعت مختلف التخصصات المعنية بعمارة المساجد، وقد جاء هذا الدليل مُعَزِّزاً للنواحي المعمارية والجوانب الوظيفية، وكذلك الجوانب الخاصة بالتشغيل والصيانة ومن حيث المساحة تتميز المساجد بسعة تتراوح ما بين 300 و 650 مصلياً تحدد بحسب نطاق الخدمة المطلوب، فيما خصصت مساحة ما بين 10% إلى 15% من مساحة منطقة الصلاة للنساء، وتخدم هذه المساجد المساكن في حدود مسافة مشي لا تتجاوز 300 متر ضمن حيز مكاني يعرف بالحارة السكنية، في حين تأتي الجوامع لخدمة عدد من الحارات السكنية تجتمع تحت مسمى محلة سكنية، وكذلك لخدمة عدد من المحلات السكنية تجتمع مكونة حيّاً سكنيّاً، تتراوح سعتها ما بين 3000 و 4500 مصل لجوامع الأحياء، و 1500 إلى 3000 مصل لجوامع المحلات السكنية، وحرصاً على عدم هدر الطاقة والترشيد في الاستهلاك فقد تم فصل جزء من الجامع لأداء الصلوات اليومية بسعة 300 إلى 600 مصلٍ، يتوفر به أنظمة تكييف وإنارة منفصلة. أما من النواحي المعمارية فقد روعي تكامل التصميم الهندسي للمسجد مع وظيفته، وكونه مَعْلَماً يعكس هوية المدينة، وعليه فقد تم تحديد ارتفاع المآذن وإعدادها بحيث يسهل التمييز بين المساجد والجوامع من مسافة بعيدة، فيما جاءت واجهات المساجد غنية بعناصر معمارية مستوحاة من العمارة الإسلامية على مر العصور كالأقواس والحليات، والقباب وإطارات النوافذ وكسوة أجزاء منها بأحجار بعيداً عن التكلف والزخرفة المنهي عنها في عمارة المساجد، كما استخدمت الإنارات الخارجية لتعطي رونقاً فريداً لها أثناء الليل، وقد أصدرت الهيئة الملكية بالجبيل وينبع دليلاً مفصّلاً لعمارة المساجد تضمن معايير فنية خاصة ومفصلة مع ترك هامش واسع للإبداع في التصاميم دون الإخلال بالقواعد الهندسية الأساسية وسيلحظ المهتمون بعمارة المساجد عند زيارتهم مدينة الجبيل الصناعية تجانس المعايير الفنية المعمارية الحديثة مع إبداع التصاميم والنواحي الجمالية والإرث الحضاري الإسلامي على مر أربعة عشر قرناً. ومن خلال التعمق بالتفاصيل الفنية نجد الجوامع على سبيل المثال تستوعب أكبر عدد من المصلين بفضل تقليل عدد الأعمدة الإنشائية وأحجامها داخل الصحن الرئيس، وتحديد عرض الأبواب الجانبية بحيث لا تقل عن مترين، إضافة إلى مراعاة تصميم فتحات النوافذ بارتفاع لا يزيد على 70 سنتيمتراً عن مستوى صحن الصلاة، واستخدام الزجاج المعشق، مع إضافة مخارج طوارئ في منطقة الصفوف الأخيرة على جانبي المسجد، كما يسترعي انتباهك عدم وجود أعمدة وسطية في المساجد الصغيرة، وتوجد على جوانب منطقة الصلاة ممرات مرصوفة تؤدي مباشرة إلى مخارج المسجد مما يتيح خشوعاً وطمأنينةً للمصلين وسهولةً في الحركة للخارجين والداخلين كما عنيت المعايير الجديدة بحلول لتوفير الطاقة حيث تستخدم حلول أنظمة إنارة داخلية وخارجية حديثة، ونظام تكييف منفصل في أماكن الصلاة اليومية، ومصليات النساء إضافة إلى أنظمة الصوت المتطورة وأنظمة ترشيد استهلاك المياه. هذا ولم تغفل الهيئة الملكية في خططها المعمارية احتياجات مصليات النساء، بحيث تكون قريبة من المواقف وبعيدة عن مداخل ودورات المياه للرجال. إضافة إلى مراعاة أن تكون دورات المياه وأماكن الوضوء بعيدة عن صحن الصلاة، وتلتزم الهيئة الملكية بالجبيل في كود بنائها بتوفير مرافق ذوي الاحتياجات الخاصة. وبلغة الأرقام فإن عدد بيوت الله في مدينة الجبيل الصناعية بلغ 22 جامعاً، و48 مسجداً مستوعبة أكثر من 54 ألف مصل. بينما يتواصل إنشاء 15 مسجداً، و5 جوامع بالإضافة لمسجد الدكتور غازي القصيبي، الذي ستتولى إنشاءه شركة سابك في مركز المدينة الجديد، ليكون مَعْلَماً معماريّاً متميزاً غنيّاً بالمفردات المعمارية.