غلاء البيض هو جزء من مشكلة استهلاكية في إطار دلع الكروش وضياع القروش، فعندما تطلقون العنان لمتطلبات الحياة وتفتحون لها جيوبكم وقلوبكم وعيونكم وجميع حواسكم وما تشتهي نفوسكم الأمّارة بالضرب بيد من حديد على البيضات والدجاجات والكبسات، وتشعرون بأن لا حياة بدون بيض ولا حياة بدون رز ولا حياة بدون جبن ولا حياة بدون كتشب ومايونيز، فأرجو أن تعلموا بأننا (مدلعين بطوننا على الآخر وما فيه أكبر من كروشنا في محيط العالم)، وأيُّ شيءٍ يتعلق بالبطون يثلج الصدور وكامل القفص الصدري، ونشتري إكرامًا للعيون صغار الدجاج الذي لم يفقس من البيضة وحتى الذي فقس، ولم يبلغ سن الرشد، وحتى لو زاد سعره أضعافًا مضاعفة بشكل يجعلنا نحبس الأنفاس بصفارٍ وبياضٍ يسيطر علينا (أبوقشرة) ليصبح حديث المجالس بنات المذن اللواتي رصعت بهن الأطباق يتغزل بهن الناس وكأنهن قٌطع من الألماس، آه.. آه.. آه.. أو كان العشم أو غلب علينا الغشم لتسيّرنا كروشنا إلى ما تحب وترضى وتشتهي؟ أو ما كنا أمةً وسطًا ندبر الأمور حسب احتياجاتنا، كل شيء مولع ومشتعل إلا كروشنا مظلمة عمياء صماء بكماء فقط لها أسنان، نحشوها حشوًا وهي ليست من الشاكرين بل كانت من الناكرين، وكأن لم نسمع حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: «بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة فاعلاً، فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه». أو لم نسمع بأن المعدة بيت الداء، ولكننا كلما زادت السلعة أكثرنا من البلعة حتى تصبح بطوننا هي القلعة التي نرمي بها ما يرمي بنا إلى السمنة والضغط والسكري، فالغلاء الذي عمّ الأرجاء نحن سببه ونحن من قادهم إلى رفع الأسعار؛ لأننا ندفع بكل عفوية وأريحية حتى استغلونا ماديًَا بعض التجار الجشعين؛ لأنهم عرفوا سر رغباتنا، وفهموا بأننا نُقدّر كروشنا ونشجعها ونهتف لها، ولا نقدر قروشنا، ولا نحفظها لليوم الأسود الذي نسيناه بسبب البيض الأبيض. الخلاصة: عندما ارتفعت قيمة البيض في ماليزيا امتنع المواطنون عن أكله حتى عاد إلى سابق عهده.