على الرغم من أن زيارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى المملكة اليوم تأتي في أجواء التعزية بالملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، إلا أنها تتسم بالاستثنائية لأنها لن تقتصر على أداء واجب العزاء ومجاملات المناسبات. فالرئيس الأمريكي الذي شاء أن يختصر زيارته للهند كي لا يتأخر كثيرا عن زيارة المملكة في هذه المرحلة الدقيقة في الشرق الأوسط، فالأوضاع تزداد تعقيدا وشقة الخلافات تزداد اتساعا بين السياسة الأمريكية ورؤية المملكة لما يجري في المنطقة من أحداث وتطورات متسارعة. الأزمة في سوريا والوضع في اليمن والحرب على الإرهاب المتمثل بتنظيم داعش، إضافة للملف النووي الإيراني، كلها ملفات بات من الضروري الوصول إلى رؤية موحدة أو متقاربة بين الطرفين. واشنطن التي يؤكد دبلوماسيوها دائما أن العلاقة مع الرياض علاقة شراكة استراتيجية، تدرك الآن أن هذا الكلام يلزمه تأكيدات من خلال مواقف ملموسة وليس عبر التصريحات، وربما هذا ما دفع بالرئيس أوباما بالاستعجال في زيارة المملكة للتباحث حول هذه الملفات الأكثر سخونة. الحرب على تنظيم داعش باتت محل نقاش خاصة بعد ما يقارب الستة أشهر دون مردود، في وقت تحاول واشنطن التملص من التزاماتها بحل سياسي في سوريا يضمن رحيل النظام الذي طالما أكدت المملكة أنه دون رحيله لن تكون الحرب على الإرهاب ناجعة. اليمن الذي تتسارع الأحداث في ساحته وربما ينتج عنها تحولات داخلية خطيرة، ويكون لها ارتدادات إقليمية ودولية، بات على واشنطن العمل مع المملكة للتقليل من انعكاساته وإعادة الاعتبار للدولة والاتفاقات المبرمة بين الأطراف بعيدا عن محاولة فرض الإرادة بالقوة التي لن ينتج عنها سوى مزيد من التعقيد. الملف النووي الإيراني الذي أصبح واضحا أن واشنطن تسعى لإعادة العلاقات مع طهران بالتزامن مع تقدم المفاوضات بهذا الشأن هو أيضا سيكون على واشنطن توضيح رؤيتها بشأنه خاصة أن قادة طهران ماضون في محاولاتهم الوصول إلى السلاح النووي مستفيدين من الوقت المتاح أمامهم قبل إنجاز اتفاق محتمل.