بإعلانه الرسمي وقوفه خلف الهجوم على صحيفة «شارلي إيبدو» الفرنسية، يكون تنظيم القاعدة الإرهابي دفع بنفسه مجدداً إلى صدارة مشهد العنف والتطرف بعد أشهرٍ من التراجع لحساب تنظيم «داعش» المنشق عنه. وطيلة عام 2014، فقد «القاعدة» كثيراً من «زخمه» بين أوساط المتشددين الذين رأوا في «داعش» البديل المناسب. ويمكن رصد هذا التحول من «الإرهابي» إلى «الأكثر إرهاباً» من خلال متابعة الحسابات المتشددة على منصات التواصل الاجتماعي. وانشق كثيرٌ من المتطرفين عن فرع القاعدة في سوريا «جبهة النصرة» وانضموا إلى «داعش»، وهو ما تكرر – وإن بدرجة أقل- في اليمن ودول أخرى. ويوم أمس، أصدرت «قاعدة اليمن» تسجيلاً أعلنت فيه تبني الهجوم على «شارلي إيبدو» الأربعاء قبل الماضي. وقال نصر بن علي الأنسي، في التسجيل الذي بثته مؤسسة «الملاحم»، إن ما سمَّاها «غزوة باريس المباركة» نُفِّذَت رداً على الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للإسلام التي اعتادت الصحيفة الفرنسية نشرها. وذكر الأنسي أن «الذي اختار الهدف ورسم الخطة وموَّل العملية وانتدب قائدها هم قيادة تنظيم القاعدة تنفيذاً لأمر أميرنا العام أيمن بن محمد الظواهري وتنفيذاً لوصية أسامة بن لادن».وتحدث الأنسي عن دورٍ في العملية للقيادي في «قاعدة اليمن»، أنور العولقي الذي قُتِلَ في هجوم بطائرة أمريكية بلا طيار عام 2011. وبهذا الإعلان، يُعتقَد أن «القاعدة» سبق غريمه المتطرف «داعش» في تنفيذ هجمات عنيفة في دولٍ غربية. ويقول مناصرو «داعش» دائماً إن هدفهم «غزو روما»، وهم يحرضون دائماً على تنفيذ عمليات تستهدف مصالح غربية. واحتفت مجلتهم الشهرية «دابق» في عددها الأخير باحتجاز شخص مسلم رهائن في أحد المواقع بأستراليا، لكن العملية بدت أشبه بعملٍ فردي وانتهت في وقتٍ سريع. وعلى غلاف عدد سابق من «دابق»، بدا علم «داعش» مرفوعاً أعلى عمود في ساحة سانت بطرسبرج في روما، العاصمة الروحية للكنيسة الكاثوليكية في العالم. لكن إعلان «القاعدة» أمس الوقوف خلف هجمات باريس رمَّم جزءاً من صورة التنظيم التي بدت مهترئة في أوساط المتشددين وأعاده إلى صدارة «المشهد المتطرف» خصوصاً بعد أن سبق «داعش» في الوصول إلى أوروبا. وقبل الإعلان الرسمي أمس، كانت المعلومات التي كشفت عنها الحكومة الفرنسية ومصادر استخباراتية طيلة أسبوعٍ مضى أفادت بأن سعيد كواشي، أحد منفذي عملية «شارلي إيبدو»، وصل إلى اليمن قبل ما يزيد على 3 أعوام والتقى أنور العولقي. وقد يكون لعودة «القاعدة» إلى قلب المشهد المتشدد تأثيرٌ يصب في مصلحة فرع التنظيم في سوريا «النصرة» الذي يتبادل العداء العلني والقتال مع «داعش»، وقد يشجع ذلك فروعاً أخرى على تنفيذ عمليات جديدة تستهدف المصالح الغربية.