في حين خيَّم هدوءٌ حذر على مدينة طرابلس شمال لبنان غداة هجوم انتحاري على مقهى خلَّف 9 قتلى و37 مصاباً، أعلن الجيش اللبناني هوية الانتحاريَّين اللذين فجرا نفسيهما في المقهى الواقع في منطقة جبل محسن ذات الغالبية العلوية. وأوضح الجيش، في بيانٍ رسمي أمس، أن الانتحاريين اللذين نفذا العملية هما طه سمير الخيال وبلال محمد المرعيان «وفقاً لنتيجة الكشف الأوَّلي للخبراء العسكريين المختصين على موقع الانفجار». والشابان من منطقة المنكوبين ذات الغالبية السنية الواقعة في المدينة نفسها التي تبعد حوالي 500 متر عن جبل محسن. وكان مصدر أمني أفاد أن أحد الانتحاريين وصل بُعيد الساعة ال 7 والنصف بالتوقيت المحلي مساء السبت إلى مقهى الأشقر في حي مأهول في جبل محسن وفجَّر نفسه بواسطة حزام ناسف. وبعد حوالى 7 دقائق، وبينما كان الذعر سائداً في المكان، وصل الانتحاري الثاني وفجر نفسه ما تسبب إجمالاً في مقتل 9 مدنيين وإصابة 37 آخرين بجروح، بحسب حصيلة رسمية. وفي وقتٍ متأخر من مساء أمس الأول، أعلنت جبهة النصرة (فرع تنظيم القاعدة في سوريا) على حسابها الرسمي في موقع «تويتر» مسؤوليتها عن التفجيرين، وأكدت أنهما استهدفا الحزب العربي الديمقراطي في إشارة إلى أبرز حزب ممثل للعلويين في لبنان، الذي يقع مقر قيادته في جبل محسن. وبعد إعلان الجيش عن هوية الانتحاريَين، ذكر مصدر أمني في الشمال أن طه الخيال «في العشرين من عمره، ومطلوب في مذكرات توقيف بتهمة المشاركة في معارك بين منطقتي باب التبانة ذات الغالبية السنية وجبل محسن». وشهدت المنطقتان على مدى السنوات الماضية 20 جولة قتال على خلفية نزاع طائفي قائم منذ الحرب الأهلية (1975-1990) وتصاعَد بعد اندلاع النزاع في سوريا بسبب انقسام السنة والعلويين حول ما يجري في البلد المجاور. وتحدث المصدر الأمني إلى «تواري الخيال عن الأنظار منذ 3 أسابيع»، مشيراً إلى «معلومات عن وجوده لفترة في منطقة القلمون السورية المحاذية للحدود اللبنانية من جهة الشرق؛ حيث تدرب مع تنظيمات متطرفة». و»يُعرَف الخيال بارتباطه بهذه التنظيمات وبقربه من منذر الحسن الذي فجر نفسه السنة الماضية خلال مداهمة الجيش بناء كانت تختبئ فيه مجموعة مسلحة في طرابلس»، بحسب المصدر. أما بلال المرعيان فيبلغ من العمر 26 عاماً وهو متزوج وله ولد ولا سوابق له. وقدَّرت قيادة الجيش زنة كل حزام من الحزامين الناسفين اللذين استخدمهما الخيال والمرعيان ب 4 كيلوجرامات من المواد المتفجرة. وعلى الرغم من البعد الطائفي للتفجيرين، بدت طرابلس أمس هادئة مع شيء من الحذر. وربط صحفي من طرابلس يُدعى عبدالسلام تركماني بين الهدوء الذي ساد المدينة والإجراءات الاحترازية للجيش، مشيراً في الوقت نفسه إلى «سيل من المواقف السياسية والدينية الرافضة للهجومين». وكانت قيادات سياسية ودينية سنية سارعت إلى التنديد بتفجيري جبل محسن. وتوقع تركماني أن لا تطول مرحلة القلق والتوتر في طرابلس وأن تعبر هذا المطب بسلام. على المستوى الحكومي، ندَّد رئيس الوزراء تمام سلام بما حدث أمس الأول ووصفه ب «محاولة جديدة لبث بذور الصراع في طرابلس»، لكنه شدد على أن ذلك «لن يضعف تصميم الدولة وقرارها لمواجهة الإرهاب والإرهابيين».