أقرت منظمة اليونسكو 18 سبتمبر يوماً عالمياً للغة العربية كونه اليوم الذي أصدرت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها رقم 3190 عام 1974م بإدراج اللغة العربية ضمن لغات العمل للمجلس التنفيذي في المنظمة، وبهذا منحت اللغة العربية نفس المكانة التي تتمتع بها لغات العمل الأخرى في المجلس فأصبحت اللغة العربية إحدى لغات المجلس الست. وحسب ما أفادت به السيدة خديجة زموري ريب، مساعدة المديرة العامة لإدارة خدمات الدعم في اليونسكو، فإن إدخال العربية في المنظمة قد بدأ بالتدريج فاستخدمت اللغة العربية للمرة الأولى في المؤتمر العام عام 1948 م. ومن عام 1966 تم تعزيز استخدام اللغة العربية عن طريق الترجمة الفورية من وإلى اللغة العربية خلال جلسات المؤتمر واجتماعات بعض اللجان. بالطبع أن تصبح اللغة العربية من اللغات التي تعتمدها اليونسكو وتكون من اللغات المستخدمة في اجتماعاتها وكتابة وثائقها فهذا يعد إيماناً بقوة اللغة وأهمية متحدثيها. ليس هناك مجال لنتغنى بتاريخ وعراقة اللغة العربية والصفة القومية والدينية التي تحملها اللغة العربية؛ فكلنا نعرف ذلك. ما يجب أن نتحدث عنه هو مستقبل هذه اللغة بين قومها. نحن نقرأ ونكتب بالفصحى وهي الصورة العليا من اللغة ولكننا جميعا ندرك أننا نختزلها عندما نستخدمها في كثير من مناشط حياتنا. دعونا الآن نلخص، في نقاط محددة، المخاطر التي قد تضعف استخدام اللغة العربية. من أهم الصعوبات التي تتعرض لها اللغة العربية هي الفجوة بين اللهجات والفصحى. فوجود اللهجات جنبا إلى جنب مع الفصحى يجب أن لا يضعف اللغة ككل بل يعزز التنوع اللغوي بها ويثري الفكر والثقافة في المجتمع ولكن عندما تتسع الفجوة وتبتعد الفصحى وتبقى في بروج عالية بعيدة عن اللسان والاستخدام الحي اليومي وتحل مكانها اللهجة فتصبح هي الخفيفة اللطيفة، نستطيع أن نقول إننا بدأنا نخسر جزءاً من معالم اللغة الرئيسة التي توجد فقط في الفصحى. ومن هنا تقع مسؤولية من يعمل في التخطيط اللغوي الذي يجب أن يتضمن عملهم خططاً مدروسة لتعزيز استخدام الفصحى وتقريبها وقد نقول تسهيلها لتسير على اللسان كما هي في الكتابة والقراءة. وهذا يقودنا للأمر التالي وهو استخدام التقنية؛ حيث إنها وعلى الرغم مما تحمله من جوانب إيجابية في المجتمع إلا أنها قد تكون سبباً ضاراً باللغة عموماً. فنجد الآن أن اللهجة تُكتب بقواعد نحوية وصرفية وإملائية مختلفة كثيراً عن الفصحى. وكتابة اللهجة يؤدي إلى تعزيزها ونشر كتابتها مما يؤثر على الأجيال القادمة ويضعف الجانب الفصيح من اللغة. أما الأمر الثالث فهو استخدام ما يعرف» بالبدجن». وهي اللغة المهجنة أو المكسرة وبها يستخدم الوافدون الأجانب اللغة العربية بشكل غير صحيح فيُدخل الوافد فيها كلمات عربية ولكن على نمط صوتي ونحوي وصرفي من لغته الأم. فتكون عربية مكسرة في البدء حتى تتكون بشكل منظم فتصبح لغة تواصل يستخدمها الأجنبي والعربي على حد سواء فتصبح لغة التواصل في مجال التجارة والأعمال. وأخيراً، دخول مفردات أجنبية لتتربع بين مفردات العربية فتنافسها في السياق. وهذه هي الاستعارة وإن كانت ظاهرة لغوية طبيعية ولكن كثرة الاستعارة تضر باللغة المستقبلة وتعكس كسل أهل اللغة ومستخدميها. مازلنا نرى بعضاً من لغتنا بعيداً عن اللسان والاستخدام اليومي ولكن لابد أن ندرك أنه ليس هناك مستحيل وبإمكاننا أن نعيد الحيوية للغتنا، وأمثلة إحياء اللغات كثيرة. ومن هنا لابد أن نجعل احتفالنا العالمي بلغتنا منطلقاً لتنفيذ الخطط لتعزيز استخدامها.