في الوقت الذي تسعى فيه وزارة العمل لزيادة فرص ومجالات عمل المرأة وتنظيم عملها بالمجمعات التجارية ضمن برنامج تأنيث محلات المستلزمات النسائية الذي انطلق في 2011م، إلا أن الوزارة أهملت الجانب الأهم في ذلك المجال الذي يتضمن تدريب وتأهيل المرأه للعمل في تلك المحال. «الشرق» تجولت في عدد من المجمعات والمحال التجارية، ورصدت بعض المشكلات التي تواجه العاملات أثناء تأديتهن مهام عملهن حيث ذكرن ل«الشرق» معاناتهن في مزاولة بعض المهن التي تحتاج إلى التدريب مما يجعل الموظفة في حرج أمام مسؤوليها. وقالت براءة الشويخات وهي بائعة في أحد المحال التجارية المتخصصة بالمكياج: إن معظم البائعات مع الأسف غير مؤهلات للعمل. موضحة أن على البائعة أن تتحلى بالأسلوب اللبق للتعامل مع الزبائن، كما يجب أن تتمتع شخصيتها بشيءٍ من الثقة والاعتزاز لتكون قادرة على بيع وتسويق المنتج، وكذلك سريعة الحركة والتركيز. ولفتت إلى أنه يجب على الشركة أن تُدرِّب موظفاتها لتأهيلهن على أساليب البيع وفن التعامل مع الزبائن، مضيفة أنها خضعت هي لدورات مكثفة حتى باشرت عملها باتفاق من الشركة مع المعهد السعودي بالدمام. أما الموظفة فاطمة نصر فأوضحت أنها وزميلاتها يعانين من حمل صناديق البضائع من سيارة الشحن إلى المخزن وكذلك تصفيفها على أرفف المحال. موضحة أن بعض المسؤولين لا يتحرج أبداً من أن يطلب من الموظفة حملها وتصفيفها، وأضافت: أن البنية الجسمية للمرأة لا تساعدها على ذلك، وكذلك ليس من صلب العمل أن تقوم الموظفة بحمل البضاعة وتصفيفها. مطالبة وزارة العمل بتكثيف الزيارات والاستماع إلى شكاوانا ومشكلاتنا وفضلت وضع رقم موحد من قبل الوزارة للموظفات تدير موظفاته من جنسهن لاستقبال بلاغهن والاستماع إلى شكاواهن. واستنكر مدير تنفيذي لأحد المجمعات التجارية فضل عدم ذكر اسمه أن تكلف الفتيات بهذه الأعمال، متسائلاً: هل الفتاة مؤهلة جسدياً لحمل البضاعة، وإدخالها للمستودع ورفعها على الأرفف، أو أن تقف على سلمٍ أمام زوار المجمع لتنظف زجاج المحل؟! وأضاف: من الممكن أن ينجح قرار تأنيث المحال التجارية مع بعض الشركات الكبرى، ولكنه فشل فشلاً ذريعاً مع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، مشيراً إلى أن الشركات الكبرى تمتلك مركزاً تدريبياً، وتحدد درجات وظيفية عالية، وهذا ما جعلها تحظي بالتميز نظراً لارتفاع عدد الموظفات المؤهلات للعمل فضلاً عن حسن تعاملهن وذوقهن العالي مع الزبائن بشهادة الجميع. وأرجع المدير التنفيذي سبب فشل بعض المحال وإغلاقها بشكلٍ نهائي بعد قرار التأنيث، إلى عدم وجود التزام في مواعيد فتح المحل وإغلاقه، ولا تزال بعض النساء تظن أن على مسؤولها مراعاة ظروفها الاجتماعية أمراً، وأن لها خصوصية لا يجب أن يناقشها المسؤول فيها؛ كحضورها حفلات الزواج، والمناسبات والتجمعات العائلية. وأضاف: هناك ملاحظة أخرى يلاحظها أي زائر للمجمع فضلاً عن المسؤول، وهي تجمعات الموظفات أمام المحل والضحك بصوتٍ عالٍ، وكأنهن في رحلة ما، تاركين الزبائن داخل المحل ينتظرون متى تعود الموظفات لأعمالهن دون الإحساس بأية مسؤولية. ودعا الموظفات إلى مزيد من الحس بالمسؤولية، وتهيئة نفسها لتقبل ضغوط العمل، لافتاً إلى أن الرجل تعود على ضغوط العمل التي تصل إلى خصم في حال التقصير أو المشادات الهاتفية. موضحاً أن بعض الموظفات لا تراعي في حديثها الذوق العام في مخاطبة مديرها، وتتحدث معه بطريقة غير لائقة. ولفت إلى أن الشركات الكبرى إذا تعدى الموظف على زميلته في العمل بأي شكلٍ من الأشكال تتخذ في حقه إجراء إدارياً بالتحقيق معه أولاً ثم فصله عن العمل، وهناك العكس أيضاً إذا ثبت في التحقيق أن الموظفة رفعت صوتها على مديرها تحقق معها الشركة أولاً وتنقلها إلى فرعٍ آخر -نقل تأديبي- أو إلغاء قيدها، في حال أن كانت الشكوى المقدمة من المدير تستدعي الفصل التام من العمل لتجاوزها الحدود المسموحة في التخاطب مع المدير. وكشف «المدير التنفيذي» ل «الشرق» عن تجاوزات من قبل بعض الموظفات ترصدها إدارته بشكلٍ يومي، مستدلاً ببعض المواقف التي حصلت بمجمعه ومنها عراك حدث بين إحدى الموظفات وأحد المتسوقين وهو برفقة زوجته في أحد المحال التجارية، الأمر الذي استدعى تدخل جميع زوار المجمع لفك العراك الذي انتهى باستدعاء سيارتي إسعاف ونقل المصابين إلى المستشفى ويعود السبب إلى عدم احترام تلك البائعة لمهنتها وكذلك مكان عملها. كما كشف «المدير التنفيذي» أن من أحدث الطلبات الغريبة التي باتت أغلب الموظفات تنادي بها هي تخصيص غرفة خاصة للتدخين لهن، بعد أن كن يدخن في المستودعات أو في دورات المياه. مؤكداً أن الشركة خصصت أكاديمية لتأهيل السعوديات الباحثات عن عمل عبر عدة برامج تدريبية موزعة على مدار العام، من أهمها برنامج التهيئة، وخدمة العملاء، وبرنامج المبيعات، وإدارة الوقت والتنظيم، والتحفيز، وتقييم الأداء. وشدد على أن الأكاديمية تؤهل هؤلاء الباحثات عن العمل، وتكسبهن مهارات عدة تعمل بعضهن على صقلها والاستفادة من البرامج في تطوير أدائها الوظيفي مستقبلاً، لإدارة مشاريعهن الخاصة. وأشارت وسام الناصري «متسوقة» إلى أن إحدى موظفات تلك المحال أقنعتها بكريم أساس لماركة معينة دون الماركة التي تفضل دائماً الشراء منها، وأنه مناسب لنوع بشرتها الجافة، وبعد استخدامه شعرت أن وجهها مشدود جداً، وتبين بعد قراءة نشرة المنتج أنه خالٍ من الدهون تماماً. وتابعت قائلة: بعد أن أرجعت المنتج إلى المحل، لم تعتذر الموظفة ولم تحاول مساعدتي في إيجاد البديل غير أنها قالت: «المنتج لا يُبدل..!»، وقالت: لابد أن تدرك الموظفة أن الزبون على حقٍ دائماً وأي اعتراضٍ من الزبون لا بد أن يؤخذ بعين الاعتبار لا الاستهتار. مشيرة إلى أن أغلب العاملات والموظفات في هذه المحال يفتقدن إلى الذوق العام، وحسن التعامل مع الزبائن، والجدِّية في العمل. ويوافقنها في الرأي نوال الجارودي، عالية آل مطر، مرام حسين اللآئي يرين بأن تلك الموظفات غير مؤهلات للعمل، كون التوظيف عشوائياً ولا يستند لأي خبرة خاصة، وفيما يتعلق في العناية بالبشرة أوضحن بأنهن يرفضن التعامل مع موظفات تلك المحال التجارية كون العاملات فيها غير مؤهلات لإعطائهن ما يتناسب مع بشرتهن مما يعرضهن إلى أخطار صحية هم في غنى عنها. من جانبه، قال الوكيل المساعد للبرامج الخاصة بوزارة العمل الدكتور فهد التخيفي ل «الشرق» إن وزارة العمل تعمل بحكم الاختصاص في رسم السياسات والتشريعات المُنظمة للعلاقة بين صاحب العمل والعمال، وبما يضمن حقوق كلا الطرفين وفق العقود المبرمة، وفيما يتعلق بالتدريب فإنه من مسؤوليات صاحب العمل الذي يحدد احتياجات موظفيه بما يتلاءم مع المهام المطلوبة منهم والأهداف المُراد تحقيقها من خلالهم. وأوضح التخيفي بأنه يحق لصاحب العمل تحديد آلية التدريب المناسبة إما عن طريق التعاقد مباشرة من خلال معهد تدريبي من اختياره وتحمل الأعباء المالية المصاحبة، أو الاستفادة من التدريب الذي توفره المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني في معاهد التدريب المعتمدة. وذكر التخيفي أن المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني قامت بتحديد الاشتراطات الواجب اعتبارها لتهيئة التدريب المناسب للراغبات في العمل، إضافة إلى تولي المؤسسة الإشراف على البرامج التدريبية ومتابعة تنفيذ البرامج لدى الجهات التدريبية من جهة، والقيام بزيارات للمتدربات في أماكن عملهن للتأكد من إلمامهن بالمهارات اللازمة للعمل في هذا المجال. كما أعدت المؤسسة أيضا أربع حقائب تدريبية لوظائف «خدمة عملاء، محاسبة مبيعات، بائعة تجزئة، مشرفة متجر» للاستفادة منها من قبل المعاهد المعتمدة من قبل المؤسسة، الراغبة في التدريب. وقال: تتراوح مدة التدريب بها ما بين أسبوعين وثلاثة أسابيع. وفيما يتعلق بقيام بعض الموظفات في محلات المستلزمات النسائية بأعمال أخرى «تنظيف المحل، ترتيب البضائع» خلاف الوظيفة التي تم استقطابهن للعمل فيها «بائعة، محاسبة، مشرفة» فإن وزارة العمل وضعت عقدا استرشاديا، يحتوي على عديد من البنود، التي تحفظ حق العاملة وصاحب العمل في آن واحد، وعلى الموظفة في أي مجال الاطلاع على عقد عملها والشروط التي وقعت عليها في العقد المبرم بينها وبين المنشأة، والتقيد بالمهام التي وقعت عليها والامتناع عما لم يذكر في العقد ويمكنها الشكوى لمكتب العمل في حالة إلزامها بغير مهامها الوظيفية. مؤكداً أن الجزاءات المستحقة ستُوقع على المنشأة بحسب طبيعة المخالفة. وأضاف قائلاً: إن الوزارة أكدت حرصها الشديد لتكون بيئة عمل المرأة آمنة، وضرورة الإبلاغ عن أي مخالفة عبر القنوات الرسمية «رقم خدمة العملاء والشكاوى والبلاغات 9200001173 أو عبر البريد الإلكتروني TaNeeth@mol. gov. sa». وأردف التخيفي في هذا السياق فإن فرق التفتيش بوكالة الوزارة للتفتيش وتطوير بيئة العمل تقوم بجولات مستمرة طوال العام، إذ تم رصد «4283» مخالفة على مستلزمات التأنيث خلال العام الفائت، ومع بداية انطلاق المرحلة الثالثة لتأنيث محال المستلزمات النسائية بدأت فرق التفتيش بمتابعة المحال المطبقة للتأنيث في المرحل الثلاث جميعا. وذكر التخيفي أن الوزارة تسعى لتوعية العاملات حول بيئة العمل السليمة عبر اعتماد عدد من الآليات منها التسويق للاشتراطات والضوابط الخاصة بعمل المرأة في المستلزمات النسائية، وآليات التبليغ عن المخالفات في بعض المجمعات الكبيرة بالمدن الرئيسة «جدة- الرياض- الدمام» بشكل مبدئي، ومن ثم التوسع في باقي المدن والمحافظات، وذلك بوضع إعلان على لوحات إعلانية في تلك المجمعات بهدف زيادة توعية المجتمع بهذا المشروع الوطني من جهة وطلب دعمهم في المتابعة من جهة أخرى. كما تم إعداد مطوية تعريفية عن المرحلة الثالثة سيتم توزيعها على أصحاب المحلات والعاملات، لمعرفة الضوابط والاشتراطات والحقوق للطرفين والعقوبات المترتبة عند ارتكاب المخالفات. وأضاف التخيفي قائلاً: من جانب آخر يعمل فريق العمل، المُناط به إدارة المشروع، على بلورة أفكار لاستخدام وسائل التقنية الحديثة للتعريف بعمل المرأة بشكل عام ولتأنيث محلات بيع المستلزمات النسائية بشكل خاص، بحيث تحتوي على أهم القرارات الملكية والتدريب والتوظيف والعقوبات المترتبة على المخالفات، وإنشاء صفحة خاصة ببرامج عمل المرأة على صفحة الوزارة الرئيسية تحتوي كافة المعلومات من أوامر ملكية وقرارات وزارية وكافة البرامج المنفذة وتوجهات الوزارة واستراتيجيتها والقنوات الداعمة للتدريب والتوظيف الخاصة بعمل المرأة، مثل صندوق تنمية الموارد البشرية والمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، كما تم إعداد نماذج لضبط عملية التفتيش ومتابعة محلات بيع المستلزمات النسائية.