كخبير «أبراج» أخطأ في حساباته الفلكية، وكأي فلكي دجال ومزيف سأقرأ في علامات النجوم أمنيات التدمير والشغب. سأتجاسر على اختراع لغة لاذعة، لغة اختلاف محض، تشيع فيها كلمات الإدانة والضغينة والعناد ضد الاجترار الفلكي للأمنيات الرخيصة، التي تباع عند أعتاب كل عام كسقط متاع زهيد، لكنه ضروري ضرورة خطابات الدجل وأقفاص التدجين المنتشرة في كل أصقاع الأرض. أن ندمر أقفاص التدجين، هذه أمنيتي الأولى. وأمنيتي الأخرى أن نلقم حجراً هذا الفلكي الثرثار، هذا البوق الذي يتمم حفلات المصادرة بمصادرة التمنيات نفسها، أن نلقمه حجراً، لأن ما يفعله من تقيؤ علينا كل عام لا يمثل إلا توقعات قزمية. فكل قزم يتقيأ أمنياته القزمية لحشد أقزام يحلمون بامتلاك موطئ للمبيت وفرصة أفضل لتجديد عبودية القرنين، العشرين والحادي والعشرين، في صورة عمل لائق بقزم وبأحلام قزم. أمنية الأمنيات هي فقط القدرة على صوغ الأمنية، بالإصغاء إلى ذلك الفلكي المشاغب الهاجع في داخلنا، خبير الأبراج الهرطيق الممقوت عند أقرانه والمبشر بأمنيات مثيرة للفزع، لأنها وحدها الأمنيات الصادقة، الناطقة بما يتحاشى قوله الجميع، وتعلن دائماً وأبداً، على طريقة مظفر النواب شاعر «التخريب» والغضب، عن حادثة «السقوط» بوصفها أم الوقائع والمعارك والأحداث، ولتكن أمنية فريدة في عام فريد واستثنائي يمتزج فيه الواقع بالرؤية، واليقين بالوهم، ويبدو فيه العقل والزمن الموضوعي معلقاً إلى أن تكتمل فيه آخر فصول ملحمة السقوط: يسقط الإكراه، تسقط الكآبة، تسقط المصادرة وكل خطابات التدجين والتمنيات الحقيرة، ويعيش الفرح النبيل، يعيش باخوس..!