حينما نفقد شيئاً مهماً ونفيساً نشعر بالحزن واليأس، فما بالك بالعلاقات الإنسانية، خاصة علاقة الإخوة ببعضهم البعض؟ فهي علاقة سامية تحتاج للرعاية والعناية الشديدتين. فالعلاقة الأخوية من أرقى العلاقات الإنسانية وأقدرها على البقاء والصمود حينما تكون المشاعر السائدة بين الإخوان التراحم والتواد والتفاهم. وتوجد بعض العوامل التي تؤدي لتصدع العلاقات الأخوية وضعفها، وحتى القطيعة بين الإخوان. من هذه العوامل ما يرتكبه الآباء عن حسن نية أثناء التعامل مع الأبناء في صغرهم، والمقارنة المستمرة بينهم، وإيثار أحدهم على الآخر. كما يسهم فقدان الحب والاحتواء العاطفي وغياب التوجيه من قِبل الأبوين في نشوء علاقات ضعيفة بين الإخوة ذكوراً وإناثاً. لذا على الأبوين أن يدركا أن زرع بذور الغيرة بين الإخوة بالتفرقة بينهم في التعامل أو تفضيل أحدهم على الآخر، يؤدي إلى الحسد والقطيعة والخصام بينهم، وربما تسبب في نشوب معارك قضائية بينهم بعد وفاة الوالدين أو أحدهما، خاصة فيما يتعلق بقضايا الإرث والمال. فيتعين على الأبوين أن يبذلا وهما على قيد الحياة مجهوداً كبيراً لتقريب الإخوان من بعضهم، وتوثيق العلاقات بينهم، وإزالة أي خلاف يحدث بين الإخوة، إذا كانا يريدان لأبنائهما أن يكونوا على قلب شخص واحد، وأن يسود بينهم التآلف والتواصل والانسجام. وعادة ما يلعب الأخ الأكبر أو الأخت الكبرى دوراً كبيراً في جمع الإخوة، وتوثيق العلاقات بينهم، وتقريب وجهات نظرهم، وردم الفجوات التي قد تنشأ بين أفراد الأسرة. إن العلاقات الأسرية نعمة من الله للبشر، ولا يدرك قيمتها إلا من حُرم منها؛ فلا تفرّطوا فيها.