كانت وما زالت المملكة العربيّة السعوديّة تواصل مساعيها المحلية والعالمية لإقناع العالم بضرورة التحرّك الفعلي لمكافحة الإرهاب الذي يربطه الغَرب دوماً بالإسلام، الإرهاب الذي اكتوت السعودية وشعبها الأبي بناره في ظل شرح وإقناع هيئة كبار العُلماء منه كون هذا الإرهاب لا دين له، ولعلَّ ما حدث قبل أيام في قرية الدالوة بمحافظة الأحساء من جريمة إرهابية عكس لنا التوجه الكبير والمؤثر للسعودية حكومةً وشعباً بمختلف أطيافه، فرصد وجود عدد من المشتبه بتورطهم في المشاركة بهذه الجريمة وسرعة القبض عليهم، التي راح ضحيتها عدد من الأبرياء الآمنين في بيوتهم بعد توفيق الله. إن ما حدث في واحة الوطن الغنَّاء الأحساء الجميلة التي تحيطها الخضرة والظلال والعيون، الأرض التي تنعم بالخيرات والطيبين من الناس، المحافظة الكبرى في شرق السعودية، أمرٌ يدعو للحُزن ويدعونا جميعاً بمختلف الطوائف إلى أن نتحد لنقف في وجه هذا العدو الذي يُحاول زعزعة السلام الداخلي بعملياته الإرهابية التي لا تمثل الإسلام ولا الإنسانية. وما حدث من تلاحم أبناء الأحساء بجميع طوائفهم في مواجهة هذا الخطر رسالة واضحة لكل من تسوّل له نفسه محاولة تفكيك هذا التكاتف الاجتماعي بأن الوطن له بالمرصاد وإن اختلفت الأساليب والأقنعة لهذه الآفة. فهو لم يأتِ إلا من الحاقدين على الوطن الذين يبحثون عن إثارة الفتن وتخويف الآمنين وهتك حرمة المعاهدين، واستهداف الأبرياء، وتدمير المنشآت، وتشويه سمعة الدين. صنعت السعودية في مجال محاربة آفة الإرهاب كثيراً من الاستراتيجيات، فهي جزء من العالم الذي تضرر كثيراً من وجود هذه الفئة، وكما قال سمو وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل، في أحد تصريحاته، إن التجربة السعودية في مكافحة الإرهاب عملت منذ البداية على كسب الرضا الشعبي، بل والإسهام إلى جانب السلطات الحكومية في هذه الحرب، فالمملكة عانت من أعمال الإرهاب مُنذ سنوات، وها هو يتكرر ذات السيناريو الإرهابي الذي تعددت أساليبه وصوره كونه آفة خطيرة ولا وطن ولا دين له، لكنه -بمشيئة الله- لن يهزم شموخ نخيل هذا الوطن الكبير بتلاحم القيادة والشعب بجميع طوائفه. بالإضافة إلى ذلك، يجب على رجال الدين في السعودية بمختلف مذاهبهم أن يتصدوا لهذه الفئة الضالة، وأن يقارعوا الحجة بالحجة ويفندوا ويبينوا بالأدلة خطأهم وبُطلان نهجهم، وأن يكسروا مجاديف المزايدين على الإسلام وعلى الوطن، الذين يسعون في الأرض فساداً، أولئك الذين جعلوا الدين ذريعة يستخدمونها في خطاباتهم لتأجيج الفتنة في الشارع السعودي، والإسلام منهم بريء كبراءة الذئب من دم يوسف -عليه السلام-، وعلى رجال الأمن الأبطال أن يجففوا منابع الفئة الضالة عن طريق الحق، تلك الفئة التي تسير على خُطى من مبادئ أفكارهم ومنهجهم الضال، هذه الفئة التي تسعى إلى تدمير الوحدة الوطنيّة، والتي يتفق الجميع حول نياتهم القذرة في تأجيج الشارع السعودي، كما أن للجهات الحكومية بمختلف مؤسساتها وأجهزتها التربوية والإعلامية الدور في التعريف بالرسالة الأمنية وإيضاح خطر الإرهاب بما يمليه الواجب لكل مواطن ومقيم للإسهام بفاعلية في حفظ الأمن بعيداً عن التفرقة الطائفية، فالأمن الفكري هو مطلب وطني شامل وتضامني لحماية المجتمع من الأعمال الإرهابية الفكريّة، خاصة أن نعمة الأمن والأمان التي تفتقرها عديد من البلدان من حولنا ونعيشها تلزمنا بالحفاظ عليه من كل هادم حاقد على تلك النعمة.