لا شكَّ أن قيادة السيارة هو معيار ومقياس حقيقي للأدب والذوق العام، وأسلوب القيادة يعطينا مؤشرات وقراءات عن الشخص أحياناً والمجتمع في أحيان أخرى. ولأن لدينا ثقافة ترسخت بعدم الالتزام بالنظام إلا بوجود عين الرقيب أو بوجود رادع مادي، فكان من الضروري إيجاد نظام مثل «ساهر» لضبط إيقاع شوارعنا بشكل «جزئي» فقط، وإن كان هدفه في المقام الأول ربحيا وليس توعويا أو وقائيا. لذلك واجه ساهر تذمرا كبيرا من طريقة عمله بالتخفي، لأننا ببساطة لم نعتد على «الرقابة الذاتية» بالالتزام بالنظام في وجود عين الرقيب أو غيابه. وأكثر ما يثير السخرية هو قيام كثير من السائقين بتخفيف سرعتهم النظامية فجأة من 120 إلى 60 أمام كاميرات ساهر وكأن ساهر سيصدر لهم بهذا شهادة حسن سير وسلوك، ولك أن تقيس هذا التصرف على أمور أخرى في جوانب الحياة لتعرف مع من تتعامل!. المشكلة الحقيقية لنظام المخالفات أنه ليست هناك مشكلة، إن كنت تعبث بقيادتك المتهورة في الشوارع «قتلاً» وتحصل على مخالفة كل يوم وكل ساعة ودقيقة طالما ستدفع قيمة المخالفة في نهاية المطاف، كما لو كانت المشكلة لدينا هي في دفع المخالفة من عدمها. فبعضٌنا يتباكى على قيمة المخالفة ولا يأبه لجروح الأرامل والأيتام الذين فقدوا أحبتهم بسبب حرب الشوارع. ولمن ضايقهم كلامي فأنا أعتذر لجرح مشاعرهم المادية، ولكن نعم مع زيادة المخالفات والإيقاف وسحب الرخصة وعقوبات خدمية للمجتمع على المخالفين، خصوصاً التجاوز غير النظامي. وللمعلومية، كاتب هذا المقال غير مستثنى من هذه العقوبات!! وإن كنت ترى أن ساهر هدفه ربحي وهو كذلك فأفضل طريقة للتحايل عليه، هو أن تحترم النظام وتحترم الآخرين في قيادتك، وبذلك لن تكون مجبراً لدفع هللة واحدة لساهر.