تصاعدت أمس حدة الخلاف الشرعي بين عدد من المشايخ من داخل هيئة كبار العلماء ومن خارجها، حول شرعية الاكتتاب في أسهم البنك الأهلي التجاري، المزمع طرحها يوم الأحد المقبل في سبعة بنوك محلية. ففيما أفتت هيئة كبار العلماء بتحريم الاكتتاب على المواطنين، أكد مشايخ في الهيئة الشرعية للبنك في بيان لها، أن الاكتتاب في أسهم البنك سائغٌ شرعاً ولا حرج فيه. في الوقت نفسه، حذر محللون من أن هذا الخلاف، قد يؤثر على عملية الاكتتاب، التي ستشهد طرح 500 مليون سهم. وقالت هيئة كبار العلماء في بيان لها، أن سؤالا ورد إلى سماحة مفتي عام المملكة العربية السعودية، من المستفتي فهد سليمان القاضي، قال فيه: «فقد عزم البنك الأهلي طرح أسهمه للاكتتاب العام، وحيث أن هذا البنك من البنوك التي تتعامل بالربا الصريح، ولما في هذا الأمر من خطورة بالغة حيث أن كثيرا من الناس يتحين موعد بدء الاكتتاب ليشتري من تلك الأسهم لما يتوقعونه من عائد مغر، فلعلكم بارك الله فيكم ووفقكم لكل خير تصدرون بيانا بحرمة المساهمة في البنك الأهلي، فهذه كما لا يغيب عن شريف علمكم وظيفة العلماء، أعني تحذير الناس من فتنة الدنيا وذودهم عن الولوع في الربا، الذي أوعد الله عليه ما لم يوعد على غيره من المحرمات، أفتونا مأجورين». وأضافت هيئة كبار العلماء بحسب البيان الذي يحمل تواقيع المشايخ عبد العزيز بن عبدالله آل الشيخ (رئيساً) وأحمد المباركي، وصالح الفوزان، وعبدالله بن محمد بن خنين (أعضاء) أنه «بعد دراسة اللجنة للاستفتاء، أفتت بتحريم الاكتتاب والمساهمة في البنوك والشركات والمؤسسات التي تتعامل بالربا بيعا وشراءً واستثماراً للأدلة الواردة في تحريم الربا، وفي تحريم التعاون على الإثم والعدوان في كتاب الله تعالى وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ولاجتماع علماء الأمة على تحريم الربا وبالله التوفيق. على الجانب الآخر، أكدت الهيئة الشرعية في البنك الأهلي التجاري بعد الاجتماع بالمسؤولين بالبنك، بما في ذلك رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي وعدد من المسؤولين في الإدارات، أن الاكتتاب في أسهم البنك الأهلي التجاري سائغٌ شرعاً ولا حرج فيه. وحددت الهيئة عدة أسباب اعتمدت عليها في تحديد رأيها الشرعي. وهي (أولاً): ثقة الهيئة الشرعية واطمئنانها إلى أن الخطة المعتمدة من قبل البنك، كما هو مرسوم لها فإنها ستؤدي إلى تحقيق هدف التحول الكامل إلى المصرفية الإسلامية خلال مدة معقولة بما في ذلك التخلص من جميع السندات، وأن إدارة البنك الأهلي التجاري تؤكد لها الالتزام بالتحول الكامل إلى المصرفية الإسلامية. (ثانياً): أن البنك سيستمر في الاقتصار في عمليات التمويل للأفراد على الصيغ الإسلامية، وسيقتصر من الآن فصاعداً في العمليات المستجدة في قطاع الشركات على الصيغ الإسلامية، (ثالثاً): أن الأصول محل الاعتراض بعد اعتبار ما ذُكر أعلاه لا تمثل إلا نسبة تقل عن الثلث من جملة الأصول، أما الأغلب من هذه الأصول، فهي أصول ناتجة من عمليات تمويل مباحة والقاعدة أن للكثير حكم الكل، (رابعاً): ظهور الإرادة الصادقة من قيادة البنك بتحويل كامل البنك إلى بنك إسلامي، وقد صدرت فتاوى من بعض الهيئات الشرعية بجواز شراء أسهم بنك تقليدي لتحويله إلى بنك إسلامي. وأضاف بيان الهيئة الشرعية للبنك، التي تضم الشيخ عبدالله بن سليمان المنيع (رئيساً)، والدكتور عبدالله عبدالعزيز المصلح، والدكتور محمد علي القري (عضوين)، «لقد وردت إلى الهيئة الشرعية عديد من الاستفسارات من المواطنين والمؤسسات المالية، حول جواز الاكتتاب في أسهم البنك الأهلي التجاري التي سيجري طرحها قريباً للجمهور. وقد قامت الهيئة الشرعية لغرض التوصّل إلى إجابة عن هذا الاستفسار بالاجتماع بالمسؤولين بالبنك بما في ذلك رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي وعدد من المسؤولين في الإدارات ذات العلاقة واطلعت على معلومات دقيقة ومحدّثة بشأن نشاط البنك ومسيرة التحول فيه والنسب المئوية للتمويل الإسلامي في قطاعاته المختلفة وكان آخر هذه الإجتماعات ما عقد بمدينة الرياض يوم الخميس 22 ذي الحجة 1435ه الموافق 16 اكتوبر 2014م (أمس)، والذي جرى فيه اطلاع الهيئة الشرعية على أحدث النتائج المالية للبنك وكذا الخطة التي أعدها البنك للتحول إلى المصرفية الإسلامية بشكل كامل خلال المدة التي تسمح بها الأنظمة والقوانين وضوابط العمل المصرفي والتي يتوقع ان لا تزيد عن خمس سنوات.» وأوضح البيان أنه ثبت لأعضاء الهيئة أن أصول البنك الإسلامية أصبحت تشكل 67% وهي ما يزيد عن الثلثين، وأن مصادر أموال البنك (المطلوبات) بلغت 389 مليار ريال كان منها 92% من مصادر إسلامية. أن 73% من دخل البنك بنهاية شهر يونيو 2014 كان من معاملات إسلامية. مضيفة «بعد النظر والتأمل والدراسة ومداولة الرأي ترى الهيئة أن الاكتتاب في أسهم البنك الأهلي التجاري سائغٌ شرعاً ولا حرج فيه».