قال وزير الخارجية، الأمير سعود الفيصل، إن «معركتنا مع الإرهاب يجب أن تبدأ بالقضاء على الشروط التي أنتجته في المقام الأول». واتهم الفيصل، في كلمةٍ له خلال اجتماع في نيويورك أمس الأول الأربعاء، نظام بشار الأسد بدفع الثورة السورية إلى حاضنة للجماعات الإرهابية، مشيراً إلى أن كثيراً من الشواهد تدل على أن النظام هو الرافد الأول لظهور تنظيم «داعش» الإرهابي. ودعا وزير الخارجية إلى خطوات عملية لإضعاف النظام السوري من خلال تشديد الحصار الاقتصادي عليه والبدء في ملاحقة رموزه عبر آليات العدالة الدولية لمحاسبتهم على الجرائم التي ارتكبوها ضد الشعب السوري، منبهاً إلى ضرورة تكريس العزلة السياسية للنظام وتشجيع الانشقاقات في صفوف المدنيين والعسكريين. وقال إن «دعمنا قوى المعارضة السورية المعتدلة يجب ألا يقتصر على الدعم العسكري لمواجهة الجماعات الإرهابية على الأراضي السورية، بل يجب أن يشمل خطوات عملية لإضعاف النظام». وربط بين حل معضلة الإرهاب ورحيل الأسد ومن تلطخت أيديهم بدماء السوريين من المشهد السياسي، مشدداً على أن الرئيس السوري فقد شرعيته بممارساته اللاإنسانية وسياساته التي أوجدت بيئة خصبة للإرهاب. واتهم الأمير سعود الفيصل النظام السوري بأنه بذل كل ما في وسعه لتوفير المناخ الملائم لظهور الجماعات الإرهابية، وسهَّل لها الحصول على الموارد المالية عندما سمح لها بالسيطرة على حقول النفط والقمح، وفرض الرسوم على المعابر الحدودية وجباية الضرائب من سكان المناطق التي تسيطر عليها. وأضاف «كما أن فساد النظام السوري وفقدانه الشرعية واعتماده على سياسات التدمير العبثية قضى على مؤسسات الدولة السورية السياسية والأمنية وأوجد الفراغ الأمني الذي وفر البيئة الملائمة لنمو الجماعات الإرهابية ليس في سوريا فقط، بل امتد نفوذ هذه الجماعات العبثية إلى العراق وسيطرت على الأراضي العراقية المتاخمة لحدود سوريا مشكِّلةً بذلك مساحة متصلة بين الدولتين وقد نجدها قريباً في دول الجوار الأخرى». وقال الفيصل «إن التاريخ يعلمنا أنه كلما طال أمد الصراع الداخلي المسلح، وزادت وحشيته، كلما زاد نفوذ وتمكن الجماعات المتطرفة، ولعل النظام السوري وحلفاءه في الداخل والخارج كانوا أكثر من غيرهم دراية بهذا الدرس التاريخي». ولاحظ أن «استراتيجية النظام السوري كانت تدفع منذ البداية باتجاه المشهد الذي نراه اليوم في سورياوالعراق، ففي الوقت الذي وقف المجتمع الدولي متردداً ومنقسماً على نفسه حيال دعم الثورة السلمية للشعب السوري، عمد النظام السوري إلى عسكرة الثورة وقمع التظاهرات السلمية بوحشية، ومارس سياسات الحصار والتجويع والقتل، كل ذلك بهدف دفع الثورة السورية إلى أن تكون حاضنة للجماعات الإرهابية، وتبرير سلوكه الهمجي بأنه حرب على الإرهاب». وخلال كلمته، أكد وزير الخارجية أن المملكة كانت ولا تزال مع دعم المعارضة السورية المعتدلة ومحاربة الجماعات الإرهابية على الأراضي السورية. وذكَّر الفيصل الحاضرين في الاجتماع الذي عُقِد على هامش الجمعية العامة ال 69 للأمم المتحدة، بأن مجموعة دول أصدقاء سوريا اجتمعت قبل عامين ونصف العام وأعلنت دعمها لحق الشعب السوري في نيل حريته وكرامته في وقتٍ لم يكن هناك جماعات إرهابية ولم يكن هناك معارضة معتدلة وأخرى متطرفة، ولم يكن هناك استخدام للكيماوي ضد المدنيين، ومع ذلك كان عدد القتلى والمعتقلين تعسفياً مفجعاً إذ تجاوز عشرات الآلاف. وأضاف «ها نحن نجتمع اليوم ليس للحديث عن حق الشعب السوري في الدفاع عن نفسه ونيل حقوقه المشروعة، بل للحديث عن مكافحة التطرف والإرهاب ليس في سوريا فقط، بل في العراق ومناطق أخرى في المنطقة، والبحث في سبل دعم المعارضة السورية المعتدلة وعزل المعارضة السورية المتطرفة، وقد تجاوز عدد القتلى المائتي ألف قتيل، وعدد المشردين من ديارهم التسعة ملايين في داخل سوريا وخارجها، متسائلاً «كيف وصلنا إلى هذا الوضع الذي نحن فيه الآن؟». وشدد الفيصل على وجوب القضاء على الشروط المجحفة التي أنتجت الإرهاب كانسداد الأفق السياسي، وعدم الرغبة في الوصول إلى تسوية عادلة للأزمة، واستمرار نظام الأسد في سياسات القتل والتعذيب والحصار واستخدام البراميل المتفجرة ضد المدنيين. وأكمل «من هنا تأتي ضرورة إنهاء الصراع في سوريا من خلال تسوية سياسية على أساس إعلان جنيف1، كشرط ضروري لمكافحة الإرهاب في المنطقة ككل، إلا أن العالم شاهد كيف أن النظام السوري وبدعم من حلفائه تهرب من كافة التزاماته تجاه المجتمع الدولي خلال مفاوضات جنيف2»، مبدياً قناعة تامة بأن نظام بشار الأسد لن يقبل بالجلوس إلى طاولة المفاوضات ما لم تتغير الموازين على الأرض لصالح قوات المعارضة السورية المعتدلة.