من حق إيران أن تحتفل اليوم بالعاصمة العربية الرابعة التي تسقط في يديها دون أن يتحرك جيشها الرسمي خطوة واحدة.. هذا النجاح العظيم لا يصح أبداً مقابلته عربياً بالشتم والشكوى ومن ثم النوم المعتاد؛ بل يجب مواجهته بمشروع محترم على الأرض يُشعر الأقليات أن مصلحتها معنا لا مع إيران أو غيرها. بيد الحوثي كما بيد بشار والمالكي ونصر الله؛ تلتهم إيرانعواصم العرب الواحدة تلو الأخرى، وهم يتفرجون ويظنون أنهم يمارسون سياسة حفظ التوازنات والتخلص من الأعداء بأيدي أعداء. لكن نهاية هذه القصة الحمقاء ستكون مؤلمة للعرب عامة وللخليجيين على وجه الخصوص! عما قريب ستتحول صنعاء إلى خنجر مسموم في الخاصرة؛ مثلها مثل دمشق وبغداد، وسيكون من المتأخر جداً حينها محاولة لملمة اللبن المسكوب. القوة على الأرض تفرض نفسها وشروطها، وهي حوثية بامتياز في اليمن من الآن فصاعداً، وأخطر بكثير من تجربة حزب الله الذي يتحكم في لبنان الرسمي والشعبي كما يحلو له. أكبر خطيئة يُمارسها العرب أنهم ينفرون الأقليات ولا يُشعرونهم بالأمان وحفظ الحقوق إلا بوجود حام أجنبي أو مذهبي كما يظنون. هنا مشكلة كبرى تتجاوز كل ما يقال من شعارات الانتماء والولاء للبلدان الأم؛ ببساطة أشعروا الأقليات بالأمان معكم وسيتوقفون عن الذهاب إلى إيران أو الغرب، وتوقفوا عن إشعارهم بدونية العرق والمذهب وسيكونون معكم في السراء والضراء كما كانوا يفعلون منذ مئات السنين. طبعاً لم تلتهم إيرانصنعاءودمشق وبغداد وبيروت بدهائها، ولا بقوتها الأسطورية التي لا يمكن إيقافها؛ بل باستثمار مثالي وصبور لأخطاء ومؤامرات العرب على بعضهم، وبإظهار محترف لضعفهم البين في خلق تعايش حقيقي بين الطوائف والمذاهب والأعراق. تذكروا أن هيمنة الأغلبية وقسوتها هي ما تُجبر الأقليات على البحث عن خيارات أخرى؛ ثم لا تنسوا أبداً أن التخلص المتذاكي من الأعداء عن طريق الأعداء ليس مضمون العواقب في كل وقت، وأن ثمة مفاجآت في الطريق تفرضها تداعيات الرحلة، وكل رحلة وأنتم طيبون. جداً طيبون.