نبعت فكرة إنشاء أعلى سارية علم في العالم لتحمل راية التوحيد «علم المملكة العربية السعودية» في أوائل العام 2012 من رئيس مجلس إدارة مجموعة شركات عبداللطيف جميل ورئيس مبادرات عبداللطيف جميل الاجتماعية المهندس محمد عبداللطيف جميل، ليكون هذا المشروع هدية بمناسبة عودة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز من رحلته العلاجية ويكون معلماً وطنياً مميزاً في مدينة جدة. وسخرت مبادرات عبداللطيف جميل الاجتماعية وأمانة محافظة جدة كل الجهود للبدء في هذا المشروع العملاق ليكون ملائماً مع الطموحات التي وضعت لإبرازه. ويشير المهندس محمد عبداللطيف جميل في هذا الإطار إلى أنه يشعر بالفخر والاعتزاز والشرف الكبير له شخصياً ولمبادرات عبداللطيف جميل الاجتماعية أن تقدم هذا المعلم الوطني هدية لخادم الحرمين الشريفين وللوطن الغالي. وأوضح أن ارتفاع أعلى سارية في العالم سيتجاوز 171.4م وتقع في وسط ميدان خادم الحرمين الشريفين بشارع الأندلس المتقاطع مع طريق الملك عبدالله، ويتضمن المشروع أيضا أكبر شعار للمملكة العربية السعودية «السيفين والنخلة» الذي يشغل كامل مساحة الميدان والتي تتجاوز 26 ألف متر مربع. واعتبر المهندس محمد عبداللطيف جميل هذا العمل الذي تقوم به مبادرات عبداللطيف جميل الاجتماعية بالتعاون مع أمانة جدة بأنه شرف كبير، وقال «شرف كبير بأن نقوم ببناء أعلى سارية علم في العالم، وأن تحمل علم المملكة العربية السعودية، وأن تكون في ميدان خادم الحرمين، وسيكون هذا المشروع معلماً بارزاً ومميزاً في مدينة جدة يفتخر به كل مواطن سعودي. استغرق العمل في المشروع أكثر من 22 شهراً، حيث تم البدء الفعلي فيه على الموقع في 16 أكتوبر 2012م، حيث اختيرت شركة البابطين لبلانك لتكون المقاول الرئيس لهذا المشروع وهي الشركة الوطنية السعودية الرائدة التي سخرت كافة إمكانياتها وقامت باختيار أفضل الجهات الاستشارية والمصانع العالمية والمحلية لتصميم وتوريد التقنيات الحديثة والحديد اللازم، بالإضافة إلى تصنيع الأنبوب الرئيس للسارية والذي تم تصنيعه خصيصاً في مصانع شركة سوكومنين في تونس وتم استيراد الحديد من كل من ألمانيا وإيطاليا وكوريا وهولندا. واستعانت مبادرات عبداللطيف جميل الاجتماعية بعدد من الشركات الاستشارية والهندسية والتصميم والمقاولين لإنجاز هذا المشروع العملاق، التي يصل عددها إلى أكثر من 42 شركة ومكتبا استشاريا وهندسيا ومقاولا. وصُنعت سارية العلم من الحديد على شكل أسطواني، حيث بلغت كمية الحديد المستخدمة به قرابة 500 طن، وتم تنفيذها بالاتساع الكافي لتحوى الخدمات الخاصة بالمشروع وإمكانية الصعود إلى أعلى السارية لعمل أي صيانة مطلوبة. وكشف المهندس المشرف على تنفيذ المشروع من شركة عبداللطيف جميل المهندس شريف البحار، أن هناك عديدا من التحديات التي واجهت تنفيذ المشروع وأبرزها وأهمها في بداية تصميم المشروع وجود نفق طريق الأندلس الذي يقع بالقرب من المشروع، ولذلك تم اختيار الموقع الخاص بالأساسات على بعد آمن بحيث لا يتأثر النفق من وجود السارية حسب الدراسات الهندسية والاستشارية، كما تم تحديد المسافة الآمنة بين حد النفق وحد أساسات قاعدة السارية ب 18 مترا، كما وضع في الاعتبار أثناء التصميم مقاومة السارية للزلازل . وأوضح البحار أن الميدان يحتوي على عديد من المكونات، إضافة إلى سارية العلم التي من أهمها وأبرزها مجسم الشعار الرسمي للمملكة العربية السعودية «سيفين بطول 75 مترا لكل منهما ونخلة بطول 85 مترا» في وسط الميدان الذي تتجاوز مساحته 26 ألف متر مربع. وسيكون العلم الأكبر مرتفعاً فوق السارية حيث تم تصنيعه خصيصاً لهذا المشروع بمقاسات تبلغ 49.5 م طول و33 م عرض بمساحة إجمالية 1635 مترا مربعا ويزن 570 كيلوجراما، وهذه المساحة تعادل 50% من مساحة ملعب كرة قدم. واستخدمت لهذا المشروع عدة أنظمة وتقنيات حديثة من بينها وحدة للحمل والتحكم في دوران العلم حسب اتجاه الرياح، ونظام قياس اتجاه وسرعة الرياح ونسبة الرطوبة وشدة المطر ونظام الإنارة التحذيري للطائرات، ونظام امتصاص الاهتزازات الناتجة عن سرعة الرياح، وثبات سارية العلم ونظام مقاومة الحريق داخل سارية العلم، بالإضافة إلى نظام متكامل لسارية العلم مع إضاءة خاصة أثناء المناسبات الوطنية. وستكون جدة صاحبة الرقم القياسي العالمي لأعلى سارية للعلم في العالم بالارتفاع الذي يبلغ 171.4 متر، وهو بذلك يتجاوز الرقم القياسي السابق بأكثر من 6.4 متر. ولم تكتف مبادرات عبداللطيف جميل الاجتماعية ببناء السارية وتنفيذ رفع العلم، بل اتفقت مع أمانة محافظة جدة على أنها ستقوم بأعمال الصيانة والمحافظة على مكوناته وتطويره لمدة أربع سنوات مقبلة. وأكد المدير العام التنفيذي لمبادرات عبداللطيف جميل الاجتماعية الدكتور إبراهيم محمد باداود، أنه من الواجبات التي يفرضها حب الوطن هو استمرارية مثل هذا المعلم الوطني البارز في أفضل أوضاعه والاستفادة منه لصالح أبناء الوطن. وقال «نعمل حالياً على الاستفادة من الخبرات والإمكانيات الوطنية لدى أبناء وبنات الوطن في أعمال صيانة السارية، وكذلك إنشاء مصنع مصغر لصيانة مكونات القماش المصنوع منه العلم وسيخصص لعمل السيدات فقط». يذكر أن السارية سيتم تدشينها في ميدان خادم الحرمين الشريفين بجدة مساء اليوم، خلال احتفالات محافظة جدة باليوم الوطني للمملكة الرابع والثمانين.