تأتي عَمَارة الحرمين الشريفين المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف لتشكل حالة استثنائية في المنجز الوطني السعودي الذي اتسم بالإتقان والجودة في آنٍ معاً. وعبر سلسلة ممنهجة من أعمال التوسعة الممتدة عبر عقود، التي كانت باكورتها في عهد المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز – طيب ثراه – الذي شكل إدارة خاصة حينذاك سُميت مجلس إدارة الحرم كان من مهامها القيام بإدارة شؤون المسجد الحرام ومراقبة صيانته وخدمته. أما بالنسبة للمسجد النبوي الشريف فقد جاءت أول أعمال الملك عبدالعزيز – يرحمه الله – عام 1348 ه لتعالج آثار التلف الذي ظهر في هبوط أرض الأروقة المطلة على صحن المسجد من جهاته الأربع. ثم جاء العمل الثاني في عام 1350 ه حيث أمر بإصلاح ما حصل من خلل في بعض الأعمدة والسواري الشرقية والغربية والصحن. وفي عهد الملك سعود تم إعطاء اهتمام خاص لتوسعة المسجد الحرام، حيث بدأ مشروع توسعة المسجد الحرام بمكة في عهده – يرحمه الله – في ربيع الآخر1375 ه. وفي المسجد النبوي كان قد دشن مشروع بناء وتوسعة كبيرة أقيم بعد اكتمالها حفل برعاية الملك سعود بن عبدالعزيز – يرحمه الله – يوم الخامس من ربيع الأول من عام 1375 ه . فقام بنفسه بافتتاح مبنى التوسعة وحضرته وفود إسلامية من مختلف أنحاء العالم الإسلامي ومن داخل المملكة وخارجها. ليليها في عام 1393 ه قيام الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود – يرحمه الله – بإصدار أمره بتوسعة المسجد النبوي واستمرار عمليات البناء والتجديد. واستمرت مسيرة الخير في الاهتمام بالحرمين الشريفين عبر من تعاقب على حكم هذه الأرض المباركة من أبناء المؤسس. ففي عهد الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود تم وضع حجر الأساس لما عرف بمشروع أكبر توسعة للمسجد الحرام منذ أربعة عشر قرناً في 2 صفر 1409 ه. ثم تلاها، ما عرف ب«التوسعة السعودية الثانية» التي وضع حجر أساسها بنفسه – يرحمه الله – في يوم الجمعة التاسع من شهر صفر عام 1405 ه. وفي شهر محرم عام 1406 ه بدئ العمل الفعلي فيها، وتُعد هذه التوسعة أعظم توسعة في تاريخ المسجد النبوي. ومع وصول ملك الإنسانية، خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للحكم أعطى اهتماماً خاصاً لعمليات التوسعة إدراكاً من حكومتنا للازدياد المطرد لعدد المسلمين في العالم. هذا وستنفذ هذه التوسعة من خلال ثلاثة محاور رئيسة، الأول هو التوسعة ذاتها للحرم المكي، ليتسع بعد التوسعة لمليوني مصل، والثاني الساحات الخارجية، وهي تحوي دورات المياه والممرات والأنفاق والمرافق الأخرى المساندة التي تعمل على انسيابية الحركة في الدخول والخروج للمصلين. أما الثالث فمنطقة الخدمات والتكييف ومحطات الكهرباء ومحطات المياه وغيرها لتصل مساحة التوسعة إلى 750.000 متر مربع. أما أبرز المشاريع المعتمدة للمسجد النبوي، فهو ما صدر به التوجيه الكريم من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز – حفظه الله – أثناء زيارته المدينةالمنورة بعد توليه الملك باعتماد استكمال الأعمال المتبقية من مشروع توسعة المسجد النبوي بتكلفة إجمالية قدرها (4.700.000.000 وتشمل تركيب 182 مظلة. ثم تنفيذ الساحة الشرقية للمسجد النبوي الشريف وتبلغ مساحتها 37.000 متر مربع وستستوعب عند انتهائها أكثر من 70.000 مصل). ثم تنفيذ مداخل ومخارج مواقف السيارات بالمسجد النبوي، ويشمل ذلك تنفيذ ثلاثة أنفاق لربط مواقف السيارات بطريق الملك فيصل (الدائري الأول). وإدراكاً من حكام هذه البلاد لأهمية التعليم في الرقي بالأمة، فقد أعُطي التعليم النظامي العام اهتماماً خاصاً، فقد افتتحت المدارس للبنين والبنات في جميع مدن وقرى وهجر مملكتنا الحبيبة وتم تبني مشاريع تطويرية للمناهج التعليمية واستراتيجيات التدريس لتواكب التطور الهائل في النظرية التربوية العالمية الحديثة. كما تم القيام بعديد من حملات محو الأمية سعياً من حكومتنا الرشيدة لمكافحة الجهل وحرصاً على تعليم الناس أمور دينهم وشؤون دنياهم. أما التعليم العالي فقد خطا خطوات تقدمية غير مسبوقة وسار بخطى حثيثة ليحرز الإنجاز في غالب المجالات العملية، حيث وصل عدد الجامعات إلى 25 جامعة ذات طاقة استيعابية عالية، وموزعة جغرافيا بين مناطق المملكة. وترتبط كافة هذه الجامعات بوزارة التعليم العالي مع تمتعها بقدر كبير من الاستقلالية في المجالين الإداري والأكاديمي. وفي مجال البحث العلمي فقد أولت حكومتنا الرشيدة ممثلة بوزارة التعليم العالي حركة البحث العلمي مزيداً من الدعم والاهتمام، إدراكاً منها بأنه يُعد رافداً مهماً من روافد التقدم العلمي والحضاري فأسست وموَّلت عديداً من كراسي البحث العلمي في مختلف الجامعات ومراكز الدراسات البحثية لدينا.