التطورات التي تشهدها المنطقة العربية هذه الأيام لا تنبئ بأن هناك توجها لحلول سلمية، فقد يحدث في سوريا ما حدث في ليبيا، فعلى فشل بعثة المراقبين العربية في سوريا، فإن الوضع تأزم أكثر مع ردود الفعل العربية الغاضبة التي ترى العالم يشاهد الأساليب الوحشية التي يتبعها نظام بشار الأسد ومع ذلك يقف موقف المتفرج، بل الأدهى والأمر أن تقف شعوب الدول المتقدمة والمؤثرة في القرارات السياسية إلى جوار شعب سوريا بينما حكوماتها لا تحرك ساكنا إلى الدرجة التي وصف فيها وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل مجلس الأمن ب”التهاون”. وكانت كلمة الفيصل يوم أمس تدق ناقوس الخطر بكل ما تعنيه الكلمة من معنى حين دعا إلى تقديم الدعم الممكن للمعارضة السورية. وذلك لتخفيف الوطء على الشعب السوري، وهي دعوة صريحة وواضحة كي يتحرك العالم لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وإيقاف حمام الدماء الذي تسبح فيه سوريا بفعل نظام الأسد الذي لم يترك طفلاً ولا شابا ولا شيخا ولا امرأة إلا وقصفهم بآلاته ودباباته وبنادقه على مرأى ومسمع مجلس الأمن. إن مثل هذا الصمت من مجلس الأمن وغيره من المنظمات الدولية، التي تدعو إلى الديموقراطية وتسعى إلى أن تعم العدالة في كل مكان، يجعل العرب يعيدون النظر في هذا الموقف الدولي المتهاون ولكن من زاوية أخرى، إنها زاوية المؤامرة التي يشعر العرب من خلالها بأن الهدف من وراء هذا الصمت وهذا التهاون هو بقاء المنطقة، وسوريا على وجه التحديد، على صفيح ساخن كي تنعم إسرائيل بالمزيد من بحبوحة القتل والتعذيب والتوسع في الاستيطان على الأرض الفلسطينية. وتلك النظرة هي التي تعيد نظريات المؤامرة ضد العرب إلى الذهنية العربية. إن دعوة الفيصل وهو يقول “عار علينا أن نقبل بمن يعطي النظام السوري مزيداً من فرص القتل” هي رسالة إلى الشعب السوري بأننا لسنا راضين عن الوضع، وبأن إخوتنا في سوريا يعيشون تحت سيف جلاد لا يرحم، ويجب التحرك ضده بسرعة كي لا يريق المزيد من الدماء، وكي لا تختل موازين وقوى العرب باختلال جزء من الجسد العربي الذي تسعى المملكة العربية السعودية في كل أطرافه من المحيط إلى الخليج لإبقائه سليما من الأمراض والجروح.