وصف مدير عام الأندية الأدبية الجديد الدكتور أحمد قران ما حدث في بعض الأندية الأدبية بأنه لا يمت للوعي الثقافي بصلة، ولا يمثل تطلعات المثقفين ورغبة المسؤولين في مجتمع يسعى لبناء مؤسساته بالانتخابات. ودعا الدكتور قران في خطاب صريح وجهه أمس إلى رؤساء الأندية الأدبية في المملكة إلى الوقوف معه ودعمه لإنجاح هذه المهمة من أجل مصلحة الأندية الأدبية والثقافة السعودية والمثقفين السعوديين. وجاء في مقدمة الخطاب «لعل أول ما أبدأ به عملي في الإدارة العامة للأندية الأدبية بعد أن شرفني معالي وزير الثقافة والإعلام بتكليفي بها، هو أن أمد يدي لكم جميعا محملة – بالمحبة والتقدير والتفاؤل – وأنا على يقين أنكم أكبر مني مكانة وأكثر مني ثقافة وعلما ووعيا، ولعلها الأقدار التي وضعتني في هذا المكان الذي تعلمون أكثر مني مصاعبه وإشكالياته، كما تعلمون الصورة الذهنية السلبية التي تكونت عنه لدى المثقفين بشكل خاص وكافة شرائح المجتمع بشكل عام، حتى أصبحت الإدارة العامة وكذلك الأندية الأدبية محل إحباط لدى المجتمع قبل المسؤول، والشاب المتطلع إلى مستقبله الثقافي قبل الرموز الثقافية، فبعد أن كان الأمل معقودا عليها في قيادة المؤسسات العامة والتعليمية ومؤسسات المجتمع المدني إلى تبني الانتخابات منهجا في الإدارة، أصبحت نموذجا سلبيا لهذا المنهج، من خلال المشكلات التي عصفت بعديد من إدارات الأندية الأدبية – وأنا هنا لا أعمم، لكنني أفكر معكم بصوت مكتوب – وقد وصلت مشكلات الأندية الأدبية إلى المحاكم في سابقة لم تصل إليها كثير من مؤسسات المجتمع المدني، خاصة وأن المجتمع ينظر إلى المثقف على أنه نموذج للرؤية الشفافة والرأي المتزن والفعل الحكيم، وأنه ومن خلال تنظيراته عن الديموقراطية والحرية وتداول المناصب، سيكون النموذج الأمثل الذي يحتذى به، إلا أن ما حدث في بعض الأندية الأدبية – وأنتم ولا شك تشاركونني الرأي – لا يمت للوعي الثقافي بصلة، ولا يمثل تطلعات المثقفين ورغبة المسؤولين في مجتمع يسعى لبناء مؤسساته بالانتخابات». وتابع قران خطابه الصريح لرؤساء الأندية الأدبية قائلا: «لن أخفي عليكم أنكم جميعا وأنا أحدكم أمام مسؤولية ومنعطف تاريخي سيسجلها الزمن وستتدارسها الأجيال ويبنى عليها مستقبل الأندية الأدبية، فإما أن نقدم التضحيات من أجل مستقبل الأندية والثقافة والشباب، أو أن نقدم رغباتنا وطموحاتنا، ونخسر أسماءنا وتاريخنا الثقافي ونخسر بنية الأندية الأدبية وجيل شاب يسعى إلى تحقيق طموحاته في المساهمة في ثقافة وطنه بعيدا عن الانكسارات والإحباطات والإشكالات، وقد اتخذ من المثقفين الكبار من أمثالكم قدوة ومثالا». وأوضح قران أن المشكلات التي حدثت في الأندية الأدبية «لم تكن نتيجة فوارق ثقافية أو معرفية أو إدارية، فالكل سواء أمام صناديق الانتخابات، وإنما هي اختلافات في وجهات النظر، تطورت حتى وصلت إلى القطيعة والمحاكم، ولم يتأثر منها سوى الفعل الثقافي، حيث توقفت أو تأثرت الأنشطة الثقافية في عدد من الأندية الأدبية، وتفرغ بعض أعضائها وأعضاء الجمعيات العمومية إلى الشكاوى عبر الصحف والمحاكم، وهو ما كان مثار استغراب كل فئات المجتمع – وأنتم تعرفون ذلك أكثر مني – مما أثر أيضا وبشكل سلبي في نظرة الجهات الحكومية المعنية إلى الانتخابات وأدواتها ونتائجها، مما قد يشكل عائقا مستقبليا للأندية الأدبية في حالة الاستمرارية في هذه المشكلات». ووبين الدكتور أحمد قران أنه يعلم جيدا «أن اليد الواحدة لا يمكنها أن تبني بإتقان وسرعة وحرفية، لهذا أدعوكم جميعا للوقوف معي ودعمي لإنجاح هذه المهمة من أجل مصلحة الأندية الأدبية والثقافة السعودية والمثقفين السعوديين، وخاصة الجيل الجديد الذي يرى فيكم النماذج المثالية». وتابع قران « تعالوا نضع أيدينا معا لنتشارك في وضع خطة للمصالحة داخل الأندية الأدبية، ونؤْثر المصلحة العامة على مصالحنا، ونتنازل عن بعض المواقف التي قد تشكل حجر عثرة أمام المصالحة بين أبناء النادي وأمام تحقيق المصلحة العامة، وأنتم قبلي وأنا معكم نثق في أن التاريخ لا يسجل إلا المواقف المشرفة، التي تكون فيها التضحيات أكبر من المكاسب، والإيثار قبل الذات، والمصلحة الجماعية قبل المصلحة الشخصية، ولن يخسر منا أحد إذا ما ضحى بمنصب أو تجاوز عن موقف أو عفا عن خطأ أو تنازل عن مكسب». واختتم قران خطابه بالقول «أكرر رجائي وأملي أن نعمل سويا من أجل مصلحة الثقافة والمثقفين في بلادنا، كما أكرر دعوتي لكم بأن تعينوني في هذه المهمة باحتواء كافة المشكلات والخلافات بين أروقة الأندية، وأن نبدأ معا في تبني مسارات التضحيات والتنازلات من أجل مصلحة نبيلة ومقاصد خيرة، وفي ظل قيم التسامح والشهامة والمحبة التي تتحلون وتتصفون بها»