للكلام حلاوة لا يمكن تجاوزها وقد نحصل على ما نريد وقد لا نحصل على ما نريد ببضع كلمات تخرج من فم الإنسان إما عمداً أو جهلا برقي الكلام المعسول. فالأناقة لم تعد مقصورة على الشكل الخارجي. فاللسان أناقة تكمن في حلو الحديث وعذوبة الأسلوب وطراوته، ويكمن جمال اللسان في انتقاء العبارات خيرها من شرها، كما أن للصمت أناقة أحياناً فلسنا مجبرين على الحديث مادامت كلماتنا تسبب شرخاً يشرخ قلب الآخرين حتى يدميه. وحتى لا تنهار العلاقات بين البشر علينا أن نحافظ على رقي الحديث بأن لا نتجاوز حدود الأدب معهم، فمنهم من يقذف عليك ناراً من شرر فتكون حارقة قاتلة لمن يحادثهم، ومنهم من يتفنن بإيذاء الغير غير مبالين بكسر قلوبهم. إذن فالجمال كل الجمال في حسن التفوه بأسلوب لا يتعدى كرامة الإنسان بعيداً عن الانتقادات الشخصية والمشاحنات التي لا تسمن وتثير الكراهية بين القلوب، نحن بحاجة إلى غربلة لكل ما يخرج من فمنا من كلام، وبحاجة للأناقة في الأسلوب وفي الحديث وفي مراعاة مشاعر من نقصد محادثتهم. فحياكة الكلام كحياكة الملابس تحتاج إلى إتقانها بدقة وتركيز فلا يتلفظ إلا بما يستحق قوله، وليُحسن ترتيب حديثه قبل ترتيب أثاثه وهندامه، وإلا فالصمت جمال لصاحبه.