كلمة خادم الحرمين الشريفين وفقه الله وسدده غرة شهر رمضان الكريم، كانت مبلورة لكثير من المعاني التي يجب أن يدركها كل مواطن وأهمها الأمن، الاستقرار، التزام الجماعة، البعد عن الخلاف ومواطن الاضطراب، مراعاة الوالدين في كل ما يجلب لهم العناء والخوف والقلق في إشارة إلى من يهرب عن وطنه إلى بلاد الاضطراب الأمني، والمحافظة على سمعة السعودي خارج وداخل الوطن وغير ذلك لمن تأمل. كل عاقل بصير ينظر بعين المصالح العامة ويستشرف مستقبل وطنه ومجتمعه يتيقن أن توحد الرؤى الكبرى للدين وللوطن هي المقدمة على كل مصالحنا الشخصية، ولا يثمّن قيمة الوطن إلا من أصبح مشرداً فقيراً يتجرّع الآلام والأحزان. في هذا الوقت بالذات تحتدم الحروب من حولنا، وتضطرم النيران في بيوتات الجيران، ويعلو صياح الألم من إخوة لنا في الدين، عندما اضطربت السياسات والدول والشعوب وليس لنا في بلادنا أمام ذلك إلا التوكل على الله تعالى والرجوع إليه وتجاوز كل اختلافنا وخلافاتنا وأن نجتمع على قلب واحد وكلمة واحدة، دون مزايدات أو تأويلات أو اجتهادات في غير محلها حيث إن دائرة الإسلام تتسع للجميع ومن لا تسعه فهو الشاذ القليل «هو سمّاكم المسلمين». تأمل.. نعمة يغبطنا عليها غير المسلمين عندما تصطف أجسادنا في اليوم 5 مرات في الصلاة على خط واحد، لا يتقدم أو يتأخر أحدٌ عن أحد، ونقول بصوت واحد خلف الإمام إذا قرأ الفاتحة: آمين، ونصوم في وقت محدد كما نأكل على ذلك إنه اجتماع لا يكون في أحد من البشر إلا للمسلمين وإن كان الاختلاف البشري فطرة لكنّ تفاصيله في اختيار البشر. التنازل عن ثانوية المطالب، والتغافل عن المعايب والتحذير من المصائب، والتواصي بالرأي الصائب، ورجوع المقصّرين للمساجد، هي خير الأخلاق في الأزمات. النعمة الفريدة على هذه البلاد أن كانت حامية للحرمين الشريفين بأصول قائمة على التوحيد، جعلت الكتاب والسنة منهجاً وطريقاً، لا على مزارات الشرك وضرب الطبول ودعاء الموتى. ولك أن تسافر لأجمل بلاد الدنيا وستردد دعواتك لوطنك كما فعل نبينا -صلّى الله عليه وسلّم- عندما خرج من مكة وقال لها: (ما أطْيَبَكِ من بلد، وأحبَّكِ إليَّ، ولولا أنَّ قومي أخرجوني منكِ ما سكنتُ غيرَكِ (وندعو لها كما دعا محمد -صلّى الله عليه وسلّم- للمدينة بعد أن اتخذها وطناً حين قال: (اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِى مَدِينَتِنَا) ولبلاد الإسلام ندعو فهي موطن إخواننا ودعا لهم نبينا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي مَدِينَتِنَا، وَبَارِكْ لَنَا فِي شَامِنَا، وَبَارِكْ لَنَا فِي يَمَنِنَا). وستردد قول أبو تمام: كم منزل في الأرض يألفه الفتى ** وحنينه أبداً لأول منزل نقِّل فؤادك حيث شئت من الهوى ** ما الحب إلا للحبيب الأول وقول ابن الرومي: ولي وطن آليتُ ألّا أبيعه ** وألّا أرى غيري له الدهرَ مالكا.