النفس البشرية بطبيعتها ملولة، تحتاج إلى الترويح والاستجمام وفي مُدُنِنا الساحلية لا يوجد أجمل ولا أروع ولا أبهج من شواطئنا وما تحويه من حدائق وزهور وألعاب وتسالٍ وجلسات عائلية تستقطب شريحة كبيرة من أبنائها ومن خارجها. فالهواء بنسماته والبحر بصفائه والسماء بزرقتها والأشجار بخضرتها والزهور بعبقها تضفي على أنفاسنا بهجة وسروراً، نرى من يمارس رياضة المشي ومن يستمتع بالسباحة والأطفال في مرحهم والأمهات يتبادلن أطراف الحديث في جو يسوده الفرح والسرور. إلا أنه قد انتشرت واستشرت في الآونة الأخيرة في ظل صمتٍ عجيب من المسؤولين وسباتٍ عميق من المصلحين ظاهرة، وهي ما يراه الجميع ويلحظه من تدخين الشيشة والمعسل التي أصبحت مظهراً مستساغاً عند كثيرين رجالاً ونساء حتى أصبح كثير من الناس لا يرى غضاضة في ذلك. وكما قيل الجنون فنون ولا شك أن من يقوم بتضييع صحته وماله فيه شيء من الجنون، فكثير من الناس أسير تصرفاته الخاطئة التي تجني عليه إما عاجلا أو آجلا ولا شك أنه بتصرفاته الخاطئة لا يجني إلا على نفسه ولكن الأمر يزداد سوءا إذا تعدى هذا الضرر إلى الآخرين. وكما لا يخفى عليكم فإن حكومتنا الرشيدة قد أصدرت قراراً بإبعاد مقاهي الشيشة خارج نطاق الأحياء والمدن وما ذاك إلا إدراكاً منها بمدى تأثيرها وضررها على المجتمع وحسب ما أفاد موقع «نقاء» فإن نتائج الدراسة التي قامت بها منظمة الصحة العالمية حول عواقب تدخين الشيشة على الصحة، قد بينت أن تدخين الشيشة في جلسة واحدة لمدة تتراوح من «20 – 80 دقيقة» تعادل تدخين أكثر من «100 سيجارة»، وأن أضرار استنشاق دخان الشيشة بشكل مباشر وغير مباشر يكون أكثر ضرراً لاحتوائه على دخان التبغ والدخان الناتج من الوقود المستخدم. ناهيك عن الأضرار التي تصيب النساء المتعاطيات ومدى تأثير الشيشة على صحة المرأة والحمل.. أليس هذا نوعا من الوأد المحرم؟! فلماذا نُحرم الهواء النقي ولماذا لا يتم معالجة هذه القضية «أعني شرب الشيشة في المتنزهات والشواطئ» أليست هذه من الأماكن العامة؟! ولو أن الجهات المعنية وضعت لافتات مكتوب عليها «يمنع شرب الشيشة والمعسل ومن يخالف فهو عرضة للجزاء» لكان أولى من وضع لوحات إرشادية «يمنع السباحة للأطفال أو البحر شديد الانحدار» وما شابهها لأن المسلم إذا مات بالغرق فهو شهيد «والغريق شهيد» فهو على خير وأيضا هو لا يجني إلا على نفسه على عكس متعاطي الشيشة فهو يتعاطى وسائل الانتحار بالإضافة إلى أنه يجني على الآخرين فأيهما أولى بالمنع؟! وهل سنرى مثل هذه اللوحات الإرشادية قريباً؟ وأيضا فإن إشعال الجمر يكون فوق المسطحات الخضراء التي قد تكون سبباً في حدوث الحرائق وإن لم تحدث فإن أقل ما في الأمر أنه يشوه منظر العشب وفيه إتلاف له. كثير من الناس يرى أن هذه من الأمور الشخصية وأنه هو المسؤول أولاً وأخيراً عن صحته! ربما يكون في هذا الكلام شيء من الصحة ولكن عندما يتعدى الأمر إلى أطفالنا ونسائنا وآبائنا لا يمكن أن تكون حرية شخصية. كيف تكون حرية شخصية وقد أفسدت علينا صحتنا؟! كيف تكون حرية شخصية وقد أزلت حاجز الرهبة لدى أبنائنا ونسائنا؟! كيف تكون حرية شخصية وقد أتلفت المال العام؟! كيف تكون حرية شخصية وأنت تضرب بأنظمة الدولة والهيئة عرض الحائط؟! كيف تكون حرية شخصية وأنت تعمل على نشر المهلكات بين المجتمع؟! كيف تكون حرية شخصية وأنت تعلن المعصية جهاراً عياناً وقد قال صلى الله عليه وسلم: «كل أمتي معافى إلا المجاهرين»؟!. عافانا الله وإياكم مما ابتلاهم به.