- في الطائف البهية اجتمع شعراء من الخليج في بادرة مميزة من مجلس التعاون الخليجي، ميزة هذا الملتقى «ملتقى الشعر الخليجي» التقاء تجارب متباينة ومختلفة، ينتج عن هذه اللقاءات تلاقح فكري وفني بين المشاركين، وتخللت هذه اللقاءات ورقات نقدية جميلة أفاد منها الحضور؛ لعل أبرزها ورقتان قدمهما الدكتور صالح زياد والأستاذ أحمد التيهاني. - حينما يحضر الكبير علي الدميني بين مجموعة من الشباب فهذا دليل وعي بمسؤوليته كشاعر ومثقف يعلو على أبراج النرجسية ويطاولها بشموخ الشعر الفاتن! وكذلك حضور الأستاذ حسن السبع صاحب التجربة الثرية. - قصيدة النثر أيها النقاد؛ تحتاج منكم إلى مزيد من التأصيل والبحث، ثمة من يصرخ في وجوهكم ويقول: ما الفرق بينها وبين خاطرة كتبها أديب أو سارد؟ ما الفرق بينها وبين ومضة بديعة قرأناها عند الجاحظ أو أبي حيان؟ ما الذي جعل الشعر نثراً؟ هل يجوز أن يحل جنسٌ أدبي محلّ جنس؟ الشعر روح؛ والروح تتداخل مع الأرواح لكنها لا تتبدل فتكون هي! ثمة أسئلة جديرة بالتأمل! - ماذا؟ الماغوط؟ وديع سعادة؟ أنسي الحاج؟ نعم قد كتبوا شيئاً عظيماً وخالداً هو في بعضه أروع من كثير من الشعر، لكنه ليس شعراً ، الشعر غِناءٌ يا سادة، الشعر غناء! «هكذا يقول الدكاترة زكي مبارك!». - زكي مبارك؟ يا لِذاك الإنسان العجيب! تذكرته فشعرت بأننا نحتاج إلى رجل مثله، نحتاج إلى من يحرك الراكد ويتجاوز السائد، كان ناقداً كبيراً وعلامة كبرى في تاريخنا الأدبي، وكان شاعراً مغروراً إلى درجة مهولة؛ حتى إنه لما طبع ديوانه «ألحان الخلود» كتب في مقدمته: «وأعلم أني لم أمدح في شعري أحداً من الناس؛ ذلك أني لا أرى تحت السماء وفوق الأرض رجلاً أعظم مني!!»، لكنه رمز أدبي باقٍ مع جنونه الذي يحبه! - الشعر غناءٌ، هكذا يقول مبارك ويقولها معه جمعٌ من الناس غير قليل، ولأننا أمة الشعر أراد الجميع أن يكون شاعراً، فموروثنا مُثقل بحمولة الشعراء، وكأن المبدع لا يصح له الإبداع دون شعر! والشعرُ في طبعهِ أبيٌّ شحيح لا يمنح نفسَه سوى لبعض المجانين، فلِمَ السعيُ وراء الجنون يا قوم؟ الأرض تحتاج إلى من يَعمُرها! - قال لي صديقي ذات مرة: سأقبل بشاعرٍ كتب الشعر العمودي والتفعيلة ثم خاض تجربة النثر، لكني لن أقبل أبداً شاعراً لا يكتب سوى النثر! سأراه ناثراً عظيماً إن كان يستحق. - كان الملتقى بديعاً وجميلاً ومفيداً، وقد كنتُ سعيداً بمشاركتي فيه، حضر الشعر بغزارة، وحضر النثر كذلك، وكانت في الملتقى أسماء رائعة؛ وأسماء دون ذلك! وغاب شعراء مبدعون لم يحالفهم التوقيت في الحضور، وأبرز من حضر هو محمد الثبيتي رحمة الله عليه!