مع ارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف إلى معدلات تتخطى الخمسين درجة أحياناً، تشتد الحاجة لوسائل حماية، واحتياطات لمنع الحرائق، التي تكثر خلال هذه الشهور تحديداً. ويشهد شهر أغسطس ارتفاعاً في درجات الحرارة ونسبة الرطوبة، وتبدأ الأحمال الكهربائية في قرع جرس الإنذار لارتفاع الأحمال الكهربائية، التي قد ينتج عنها حرائق. لكن رجال الدفاع المدني بما يحملونه من خبرة وكفاءة يقفون بالمرصاد للتخفيف من وطأة هذه الحمأة الغاضبة، فهم على أهبة الاستعداد وفي كل وقت لإيقاف عبث النيران والأخطار الأخرى المحدقة بالبشر والممتلكات. ولعل إدارة الدفاع المدني هي إحدى أهم الإدارات التي يقع على عاتقها مسؤولية كبرى في حفظ الأرواح من خطر الحوادث. ويعتبر جهاز الدفاع المدني من أهم الأجهزة التي تعيش أخطر لحظاتها خلال مباشرة البلاغات، وتكمن المخاطر حال استقبال البلاغات، فرجال الدفاع المدني يضمنون قدومهم إلى موقع الحادث وبزمن قياسي، ولكن لا يضمنون العودة منه إلا بمشيئة الله سبحانه وتعالى، فهناك خطرٌ قد يودي بحياتهم. الدفاع المدني من الأجهزة التي تشارك جميع الأجهزة الأمنية في الدولة، وفي كل اللحظات الحرجة، ويعمل الدفاع المدني على مشاركة المجتمع من خلال البرامج التوعوية التي يقدمها للناس في مخلف المناسبات. كما يهتم هذا الجهاز باستقبال البلاغات بمختلف أنواعها ويعي مخاطرها، والعواقب المترتبة عليها، حيث تأتي عديد من البلاغات باشتعال حرائق، وحوادث احتجاز بأنواعها ويقتحمها رجال الدفاع المدني عبر بوابة يسودها الظلام الدامس، محاولاً إخماد ألسنة اللهب قبل أن تتشعب وتهلك المكان بأكمله، ويأخذ في الحسبان وضع حد للخسائر البشرية والمادية وتقليصها قدر الإمكان، كما يخاطر رجال الدفاع المدني بحياتهم حال وقوع حوادث سقوط في برك المياه أو الصرف الصحي التي تكون بمنزلة الخطر القاتل. وتعمل إدارة الدفاع المدني بمحافظة حفرالباطن على استخدام أساليب التدريب المكثفة والمستمرة لرفع المستوى العملي في الأداء لدى رجال الدفاع المدني، في مختلف المهارات، ونيل أعلى مستويات الخدمات الإنقاذية لدى الجهاز، فقد عملت الإدارة بمحافظة حفرالباطن على إعداد تدريبات مكثفة على الغوص، ووضع فرضيات للغوص في الأمطار والسيول الوحلة، وتفادي الكوارث الناجمة عن السيول الجارفة. ويقوم المدرب المختص في الإنقاذ والغوص الرقيب أول منيف تلهي العنزي في إعداد تدريبات مكثفة لعدد من رجال الدفاع المدني بالمحافظة، وفق خطة مجدولة وممنهجة، وبإشراف القيادات الضباط، وكان سيناريو إحدى الفرضيات هو إنقاذ مواطن غارق في السيول الجارفة، ونزول الغواصين بحرفية داخل السيول، وإخراج المواطن في أقصى سرعة ومع مراعاة عدم إصابته بأي عارض. كما نفذ خلال البرنامج التدريبي سرعة لبس ملابس الغوص داخل المياه، وتجهيز أسطوانات الأوكسجين، بالإضافة إلى الغوص للوصول إلى الهدف بزمن قياسي. كما قام عدد من رجال الدفاع المدني بمحافظة حفرالباطن في تجهيز موقع عبارة عن شقة سكنية محاكية للكوارث من حرائق وحوادث الاختناقات الناجمة عن تسرب الغاز في المنزل، ويتم وضع اختبارات حقيقية داخل الشقة، وعمل خطط افتراضية مستدامة، وذلك سعياً من رجال الدفاع المدني إلى توضيح أن عملهم إنساني بحت وأنهم يرخصون أرواحهم لأجل إنقاذ المواطنين. وهي تجارب قد تبدو للبعض سهلة وميسرة، لكن الواقع يحكي صعوبة بالغة في فكرة العيش تحت الطوارئ بشكل دائم، وهو حس متوفر ويقظ لدى رجال الدفاع المدني، ومن أجل ذلك يخوضون مختلف التجارب وبشكل دائم ليتقنوا فن الدفاع ودرء المخاطر مهما بلغت درجة خطورتها. وتسعى حكومة خادم الحرمين الشريفين إلى توفير الدعم اللامحدود لكافة الأجهزة الأمنية بالمملكة، وذلك سعياً منها على حماية الأرواح الغالية، وحفظ الأمن واستتبابه على أكمل وجه، حيث تدفع المملكة المليارات للحصول على أعلى المواصفات في هذا المجال، ومواكبة التطورات الأمنية، حيث وفرت أحدث الأجهزة وآليات الإطفاء والإنقاذ بمختلف أنواعها، والتي تتماشى مع كامل الأجواء والحوادث في مختلف الظروف القاسية. كما أشرف على الخطط المنفذة ميدانياً المقدم عبدالهادي الكناني والمهندس الرائد رافع بن تركي الشمري والرائد عبدالله بن عايد الظفيري، وقام بالتدريب رقيب أول منيف تلهي العنزي وبمشاركة عدد من الأفراد. من جانبه أوضح مساعد مدير إدارة الدفاع المدني المقدم عبدالهادي الكناني ل «الشرق» أن التدريبات التي تقوم بها إدارة الدفاع المدني بمحافظة حفر الباطن شاملة لعموم منسوبي الإدارة، وذلك سعياً لرفع مستوى الأداء لدى الفرد، وأن هذه البرامج الخاصة في تطوير الأفراد جاءت بتأييد وتوجيه من مدير مديرية الدفاع المدني في المنطقة الشرقية اللواء عبدالله الخشمان. المواطن فهد العنزي تعرض منزله لحادثة حريق جراء تسرب غاز الطبخ في منزله، يقول: «لقد شب حريق في منزلي بحي الربوة قبل فترة، وعلى الفور اتصلت بالدفاع المدني الذي باشر الحادث بفرقة حي السليمانية في زمن قياسي. وأشاد المواطن فرحان الشمري بأداء جهاز الدفاع المدني، مؤكداً أنه يحظى بأهمية كبيرة. وقال: لا بد أن يتم تعزيزه بأحدث الآليات والأفراد خاصة أن حفرالباطن أصبحت مدينة كبيرة واتساع نطاقها العمراني يحتم تعدد المراكز إضافة إلى المراكز الحديثة، وهو ما يجعل أداءها أكثر سرعة وأقل خطأ. وبين المواطن فواز المطيري أن عملية تكثيف التدريب لرجال الدفاع المدني عامل مهم لتفادي مفاجآت الحوادث التي يباشرونها». ونحن نشاهد مدى تطور واستعدادات رجال الدفاع المدني وتفانيهم في تقديم الخدمة وتحمل مسؤولياتهم، لكن لابد من التطوير في التدريب بشكل مستمر، لكي ترتفع جهوزيتهم.