حول أحداث غزة كتب السيد محمد اللودي من سيدي إفني/ جنوب المغرب أنه «غزت الجراثيم والفطريات..... بل قل -إستادنا الفاضل- حقن العالم العربي بفيروس التباغض والشقاق والصراع وبيع السلاح لهذا وذاك، يمكن لهذه الأمة أن تمرض لكن لا تموت -بإذن الله- موضوع جميل أحييكم مفكرنا العزيز...متى سنراكم في مدينتنا الصغيرة يا دكتور»؟ يذكرني تعليق الأخ المغربي بالحديث الذي ينهى عن فساد ذات البين ووصفها نبي الرحمة صلّى الله عليه وسلّم أنها الحالقة، قال لا أقول لكم حالقة الشعر بل حالقة الدين. وفي سورة المائدة تركيز على مرض تعتل به جماعات دينية «فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة» وهذا يعني أن هذا المرض قابل أن تصاب به أية جماعة دينية، وحالياً ما يجعل إسرائيل متماسكة يعود إلى عدة عناصر من أهمها الشعور بالخوف من العرب وأنهم في حالة حرب لا تعرف الراحة، لذا فقد حولوا مجتمعهم إلى معسكر حرب. وفي سورة الحشر مناظر عن قوم تظنهم على قلب واحد ولكن الحقيقة أن بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى. وحسب (توينبي) المؤرخ فإن الحضارات لا تموت بالهجوم الخارجي بل بالانتحار الداخلي. ذكر هذا في صدد قانون انهيار الحضارات فاستعرض 6 عناصر مهمة ليصل إلى الخلاصة التي ذكرناها. وكتابه (مختصر دراسة التاريخ) يجب أن يكون في كل بيت ومكتبة، وهو كتاب مكوّن من 4 أجزاء اختصر فيها آراءه حول قيام الحضارات وفنائها. وحالياً فقد أصاب العرب داء الأمم. ولعل الأخ اللودي يعلم أن الحدود بين الجزائر والمغرب مغلقة بجدران وأسلاك شائكة وحراسة مشددة بما هو أشد من الحاجز بين إسرائيل وغزة! وأنا شخصياً وقفت عليه حين ذهبت لزيارة الأخ المستاري الفاضل في مدينة أحفير في أقصى شرق المغرب فرأيت جانبي الحدود، أكاد لا أصدق، والصراع بين البلدين حول مشكلة الصحراء تمثل حماقة عجيبة، والويل لمن لمس هذا الموضوع! والبلدان شقيقان ملتصقان ببعضهما بعضاً يتمنى كل واحد أن يكون في قارة أخرى، والامتداد ما بين طنجة حتى ليبيا كان في أيام المرابطين والموحدين دولة واحدة. أقول كل هذا حتى نستوعب حقيقة أصعب من قطع الأنف بالمنشار دون تخدير، إن مشكلاتنا الداخلية بقدر الجبال الرواسي، وأن الصراع مع إسرائيل أمره بسيط جداً، حين نتفاهم ونتقارب ونحل هذه المشكلات السخيفة بيننا، وأننا أمة واحدة، وربنا واحد فاعبدوه. ولكن هذه كلمات نلوكها وقد نكتبها، أما الحقيقة المرّة والصادمة والموجعة فهي أنه قد ألقي بيننا العداوة والبغضاء والشقاق والنفاق والحرب. أذكر القارئ من جديد أن بشار الكيماوي قتل بضربة واحدة في 21 أوغسطس بالكيماوي 1429 إنساناً منهم 426 طفلا ما لم تفعله إسرائيل بعدوها فلنفهم إذن أين العدو فعلاً؟ جاء في القرآن وفي أكثر من موضع: وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون.