استؤنفت أمس الخميس مواجهات عنيفة بين ميليشيات متخاصمة في محيط مطار العاصمة الليبية طرابلس، في وقتٍ واصلت فيه فرق الإطفاء إخماد حريق يجتاح لليوم الخامس على التوالي مستودعاً للمحروقات أصيب بقذائف. وأمام التصعيد، عملت دول عدة على إجلاء رعاياها وطواقمها الدبلوماسية. وأعلنت إسبانيا أمس الإجلاء المؤقت لجهازها البشري العامل في السفارة، بينما أعلنت الفلبين أنها ستستأجر عبارات لإجلاء رعاياها البالغ عددهم 13 ألف شخص. وأرسلت اليونان من جهتها سفينة لإجلاء طاقم السفارة في ليبيا والعشرات من الرعايا اليونانيين، كما أفاد أمس مصدر مقرب من العملية. وقال هذا المصدر «سيتم إجلاء حوالي 200 شخص بينهم 7 من السلك الدبلوماسي». وبعد يومين من تهدئة نسبية «شن مقاتلون هجوماً جديداً على المطار مستخدمين أسلحة ثقيلة وخفيفة»، كما أعلن قائد القوة المكلفة بأمن المطار الجيلاني الداهش. ويقاتل هؤلاء إلى جانب ميليشيات مدينة الزنتان (غرب طرابلس)، الذين يحاول المقاتلون الإسلاميون ومقاتلو مدينة مصراتة (شرق طرابلس) طردهم من المطار منذ 13 يوليو. وبحسب شهود عيان، وقعت معارك أخرى على طريق المطار وفي الضاحية الغربية للعاصمة، وسُمِعَ دوي انفجارات من وسط المدينة. وتعتبر المعارك في محيط المطار الأعنف على مدى ثلاثة أعوام في طرابلس، وأسفرت منذ بدايتها عن مقتل نحو 100 شخص و400 جريح، بحسب آخر حصيلة رسمية. والمطار مغلق منذ ذلك الوقت ولحقت أضرار بعدة طائرات جراء المعارك بين رفاق الأمس، الذين قاتلوا معاً طيلة ثمانية أشهر نظام العقيد معمر القذافي، الذي أطيح به وقُتِلَ في أكتوبر 2011. والميليشيات الإسلامية ومجموعاتها الحليفة في مصراتة هي التي بدأت المعارك عبر شن هجوم على المطار. ويرى المحللون أن هذه المعارك جزء من صراع نفوذ بين المناطق، وكذلك بين تيارات سياسية في بلد غارق في الفوضى لعدم توصل السلطات بعد إلى السيطرة على عشرات الميليشيات، التي تشكلت من ثوار سابقين يفرضون القانون في غياب جيش وشرطة منظمين ومدربين. وأدت المعارك إلى شلل تام تقريباً في العاصمة، حيث أقفلت المصارف والإدارات أبوابها منذ أيام عدة، وتشهد الحياة اليومية للسكان صعوبات جمة بسبب شح الوقود والكهرباء وتوقف إمدادات المياه. وكانت العاصمة شبه خالية أمس وأغلقت غالبية المحال أبوابها على الرغم من بقاء وسط المدينة بمنأى عن المعارك حتى الآن. وفي بنغازي (شرقاً)، كان الوضع هادئاً نسبياً بعد عدة أيام من المعارك، التي أوقعت قرابة 100 قتيل وتوصلت في ختامها ميليشيات إسلامية إلى الاستيلاء على أبرز قاعدة عسكرية في المدينة. واستعادت المجموعات الإسلامية من جهة أخرى السيطرة على مستشفى الجلاء في وسط المدينة بعد أن طردهم منه أمس الأول، الأربعاء، عشرات المتظاهرين. وأمام هذه الفوضى العارمة، قرر المؤتمر الوطني العام الجديد (البرلمان) المنبثق من انتخابات 25 يونيو الاجتماع بصورة طارئة غداً السبت في طبرق (شرقاً) مقدِّماً 48 ساعة موعد انعقاد الجلسة الافتتاحية، التي كانت متوقعة في ال 4 من أغسطس في بنغازي، المدينة التي أصبحت خطيرة للغاية.