يحتفل المسلمون في شتى بقاع الأرض بعيد الفطر المبارك، الذي يعود مرة كل عام بنفس التوقيت وبشكل متواصل، مما يطرح تساؤلاً رئيساً قد تكون الإجابة عليه غير واضحة في أذهان كثيرين، الأمر الذي يجعل المعنى الحقيقي للعيد غير محدد ويشوبه بعض الغموض، مما يجعل يوم العيد قد يكون يوماً عادياً إن لم يكن مزعجاً يعاني فيه بعضهم من مضاعفات السهر ومخلفات الضغوط المالية والشد العصبي طوال أيام متتالية. ويمكن طرح التساؤل على النحو الآتي: لماذا يعود العيد؟ وباستخدام المنهج العلمي يمكن الإجابة على هذا التساؤل من خلال فرض بعض الفروض والتأكد من صحتها عن طريق ملاحظة الواقع: قد يكون العيد موسماً يتكرر كل سنة من أجل شراء الملابس الجديدة، غير أن الذي يتردد على الأسواق يجدها مكتظة على مدار العام والناس فيها يشترون الجديد من الملابس عندما يكون لديهم مناسبات معينة، وعند اختلاف الطقس، أو عندما تبلى الملابس أو ينسى أصحابها أين وضعوها!!، وقد يكون الشراء بدافع التقليد أو من أجل التغيير ومتابعة الموضة. وقد يكون العيد من أجل تكثيف الزيارات الاجتماعية وإقامة المناسبات والولائم، غير أن هذه الفعاليات والأنشطة يمكن أن تتم بشكل مفاجئ ومتكرر على مدار العام أو بشكل منظم ومرتب في العطل والإجازات سواء كان الوقت عيداً أو غير عيد!!. وقد يكون في العيد التفرغ لممارسة بعض الهوايات الشخصية، غير أن الشخص قد يجد فسحة أكبر وزحاماً أقل في غير وقت العيد لممارسة هواياته المختلفة في أوقات الإجازات التي يكون له الدور في تحديدها واختيارها. ويمكن القول إن لبس الجديد من الملابس والتفرغ للمناسبات الاجتماعية والأسرية وممارسة الهوايات الشخصية ما هي إلا نماذج لمظاهر العيد المتنوعة التي يفقد العيد من بهجته كثيراً بفقدها، ولكنها لا تعتبر غايات في حد ذاتها. في نظري إن العيد هو توقيت محدد للاطمئنان على مسيرة إنجاز مهام معينة يشترك فيها الجميع، فالعيد ليس شيئاً مادياً يدرك بالحواس الخمس إنما هو شيء معنوي يختلف البشر في إدراكه بحسب أدائهم لتلك المهام، ويمكن قياس ذلك الإدراك بقدر الفرحة التي يمكن أن يشعر بها الإنسان في يوم العيد التي بطبيعة الحال تختلف بين الأشخاص حتى ولو كانوا يأكلون من طبق واحد ويلبسون من ذات قطعة القماش ولا يختلفون إلا في شيء واحد فقط هو: مستوى الأداء في المهام التي أوكلت إليهم، التي من أهمها: المحافظة على الصلاة. صلة الأرحام، صيانة الصوم، الصدقة، التقرب بالنوافل، الأمانة والنزاهة، حقوق الجار، حفظ اللسان، العفة، الصدق. نحن جميعاً نحاول الشعور بفرحة العيد، عندما نشتري الملابس الجديدة ونذهب لممارسة الهوايات المختلفة، ولكن السؤال: هل نحن فعلاً نشعر بفرحة العيد؟ إن كنا نصطنع الفرحة، ففي العيد فرصة لمراجعة الذات، باستخدام مؤشر الفرحة والاستبشار، حول مستوى الأداء في المهام والواجبات. جعلني الله وإياكم من الفرحين المستبشرين وكل عام وأنتم في مستوى أداء متقدم في جميع ما يوكل إليكم من مهام. وقفة: الفرحة تصنع قبل العيد وعندما يأتي العيد يحتفل مع أصحابها بها.