لو قدِّر لك أن تقابل رسول الله – صلى الله عليه وسلم -. لدقيقة ماذا تقول له؟ سؤالٌ طرحه الأستاذ أحمد الشقيري على المسلمين العرب خاصة، وكانت أكثر الإجابات عاطفية مُبكية، لأن للقائه حباً وشوقاً ولهفة، ومعه تلعثمت الألسنة عن مواصلة الكلام، وفهمنا إجاباتهم عندما علق الدمع في محاجر العيون.. ياالله سؤالٌ يجعلك صامتاً منصدِماً، من هول ذلك الاسم وما يحمله من حبٍّ عظيم وشوقٍ كبير، فهو نبيُّ الرحمة صاحبُ الشفاعة العظمى والمقام المحمود.. فماذا تقول لهُ؟ وبماذا تبدأ كلامك. أتطلبُ منه الشفاعة، لأنهُ أتعبتك الذنوب والمعاصي، وكثرت عليك الهموم والمصائب، أم تستحي وتخجل أن تطلبه، لأنك لم تعمل بما جاء به؟ وعصيت الله ورسوله. أم تتكلم عن حال الأمة، التي كساها الضعفُ والهوان، وأصبحت ذليلة مهانة مريضة وداؤها انتشر بين أصقاعها، وخلف أسوارها وبين جدرانها تجد الألم والحسرة والانكسار. أمةٌ سُلبت منها العزِّة والرِّفعة، لأنها اشتغلت بالملذات واستمتعت بالمعاصي والشهوات، أمةٌ تكالبت عليها الأممُ وأصبحت كغثاء السيل. أم تخبره عن فلسطين والمسجد الأقصى، وأنها اغتُصِبت منَّا، ودماء الشهداء مازالت رطِبة على أسوارها، وأن شبابها قتِّلوا وعائلاتها هُجِّرت، والآن.. الآن تقصف ما تبقى منها، ونحن كعادتنا بعد الخنوع والجبنُ نحترم العهود والمواثيق معهم. أم تخبره عن اليمن، والخوف والجوع وتقاتل أبنائهم، وأنَّ قِوى الشرٌِ عاثت فساداً وتنكيلا ًبأهلها. أو تخبرهُ عن ليبيا، ومعركة داحس والغبراء، وأنَّ آذانهم صاغية مصغية لتِّجار الفتن والخراب والتمزيق. أو تخبره عن العراق، أرض القادسية والبطولات، بما فعله المجوس والصفويون فيها، من ظلم وحقد على أهلها، حتى نكسوا الرؤوس من الذلة والمهانة، حتى اللحى لم تسلم من التنتيف. أم تخبرهُ عن الشام بلاد العلم والعلماء، بأنها اغتُصِبت وسُلبت من أهلها وقُطِعت جماجم الأطفال والنساء والشيوخ، وعلقت في أشجار الزيتون، وهُدِمت المساجد والدور، وطرد أحفاد -اليرموك- وهجروا من أرضهم. أم تكتفي بالصمت ، كغيرك ويكون الدمع الذي علِق في العيون ، هو خيرُ شاهد على ماعجِز عن نطقه اللسان .