ربما تكون هي المرة الأولى منذ سنوات طويلة التي يتحول فيها اهتمام الكتَّاب والأدباء السعوديين نحو السياسة في رمضان. فعلى إيقاع العدوان الإسرائيلي على غزة يقاوم هؤلاء الكتَّاب عبر مختلف المنابر على طريقتهم الخاصة، وقبيل أيام قليلة من عيد الفطر المبارك يختار الكاتب والباحث عمر الفوزان أن يبعث برسالته «إلى الشعب العظيم الشعب العربي الفلسطيني رغم كل التخاذل والتآمر الدولي ضدكم، إلا أنكم صامدون تسطِّرون أروع درجات الكفاح والنضال لذا أقف احتراماً لكم أيها الشعب العظيم الكبير». ومع تتابُع فصول العدوان الإسرائيلي الغاشم على غزة، يكرِّس غالبية الكتاب والأدباء السعوديين كتاباتهم ومنشوراتهم وتغريداتهم للدفاع عن عدالة القضية الفلسطينية. ويقول ل «الشرق» الشاعر عبدالعزيز الشريف إن وراء هذا الاصطفاف من الكتاب اعتقاد راسخ بأن هذه الحرب ما هي إلا حرب وجود ودين وكرامة وعروبة. ويتابع الشريف «إنها حرب إبادة شعب تشبث بأرضه وغسل بدمه الطاهر أردان الزمن العربي المتسخ بالخطايا والذنوب والخيانات، إنها حرب شعب محاصر في فلسطين الحرة، كل فلسطين، وفي أكبر سجن مفتوح عرفته البشرية، إنها حرب شعب يبحث عن شروط حياة كريمة على أرضه، إنها حرب شعب مشرَّد ومطارد فوق كل أرض وتحت كل سماء من هذه الجرثومة الصهيونية القذرة التي كانت ومازالت وستبقى تطارد العقل العربي الفلسطيني المناضل في كل أركان الدنيا». ويختتم الشريف: «هذه الجرثومة لا يردعها قانون ولا عُرْف ولا أخلاق ولا سيادة ولا إنسان ولا مكان ولا دين ولا حدود، نحن نُذكر فقط، ولو أن جرائم الصهاينة لا تحتاج إلى أحد يذكر بها، فهي تسير في دورة دماء العربي من الماء إلى الماء كعار ومرض تتوارثه الأجيال». وتتدفق على مواقع التواصل الاجتماعي على شبكة الإنترنت بيانات ومنشورات وتغريدات تعود للكتاب السعوديين وتكاد تتوجه إلى موضوع واحد هو «حرب غزة»، ويحاول هؤلاء الكتاب التأكيد على عدالة القضية الفلسطينية، لكن لا تخلو هذه الطروحات من آراء «مختلفة» عن السائد يطرحها بعض الكتاب. وفي هذا السياق يلاحظ القاص فهد الخليوي أن «إسرائيل ارتكبت مجازر فظيعة بحق المدنيين الأبرياء في غزة، وأن حماس رفضت المبادرة المصرية في سبيل الحصول على مكاسب سياسية مرحلية حتى لو أبيدت غزة عن بكرة أبيها!». ويقول الروائي عمرو العامري إن مأساة الفلسطينيين هي في انتظارهم نزول العرب لنجدتهم منذ 66 عاماً، ويلفت العامري إلى «أن الشعوب فقط يحررها أبناؤها»، وضرب مثلاً بفيتنام وإريتريا. ويعتقد العامري أن قضية فلسطين الأولى هي «غياب العقل العربي والمنطق الفلسطيني قبل كل شيء». ووسط هذا التدفق الكبير يلاحظ الشاعر عبدالرحمن موكلي أننا تحولنا إلى متصارعين، كل واحد يدافع عن رؤيته تجاه العدوان، وصولاً إلى الشتيمة والسباب والتشكيك والخيانة، دون كشف آليات الفعل الصهيوني الجائر عبر تاريخه، والسؤال عن تردي النظام العربي بكل مستوياته؟!. ويختتم موكلي بالإشارة إلى أن «الإعلام الجديد فتح الآفاق، لكن ما زلنا نردح بين عصبية مذهبية وقبلية، لا تتعدى ثقافة المناحة والشتيمة».