لا شيء مربكاً ومعطلاً في الإدارة مثل تداخل الاختصاصات -وهو أمر ممكن المعالجة- الذي ينشأ بسبب أمور متعددة منها عدم الوضوح -بمعنييه العام والخاص- ولكن ما هو أسوأ منه التدخل عن علم -بل عن عمد- في اختصاص الغير، والعمل نيابة عنه -فيما هو واقع ضمن اختصاصاته ومسؤولياته- ثم محاولة التملص من المسؤولية عندما تتفاقم المشكلة وتتعقد، وتظهر عيوبها بحجم كبير، ويعجز عن حلها! هذه صورة مبسطة لوصف المخالفة الكبيرة التي كانت سببا في ظهور طريق المفاجآت -طريق الخفجي/ أبرق الكبريت- الذي يقع ضمن اختصاصات إدارة الطرق بالمنطقة الشرقية التابعة لوزارة النقل، لكن بلدية الخفجي قامت بإنشائه -في فترة سابقة- وعملت في غير اختصاصها عن علم بل عن عمد، وحملت ميزانية البلدية مبالغ مالية -في مشروع سيء التنفيذ- كان من الممكن صرفها في بنودها المقررة أو إعادتها لوزارة المالية إن كانت لا تستطيع استثمارها أو كونها فائضة عن حاجتها في حال استكمالها لجميع المشاريع البلدية في منطقة عملها المحددة -وهو أمر مستبعد طبعا- ويكتب للبلدية نجاحها في التخلص من تبعات الطريق -دون مساءلة- حيث سلمته رسميا لإدارة الطرق بالمنطقة الشرقية بعد أن استعصى عليها القيام بشؤونه، وتبعات عيوبه، وأرعبتها الحوادث المميتة التي تقع عليه باستمرار. يمكن تسمية الطريق بتسميات كثيرة منها: طريق الموت، وطريق المفاجآت، وطريق الرمال، وطريق الهلاك، وطريق الحوادث، وقد تطول قائمة الأسماء وتمتد، كما تطول قائمة أسماء الهالكين عليه في حوادث مفجعة، فلا يكاد يمر شهر إلا وتفجع أسرة أو أسر عديدة بفقد أحبابها على هذا الطريق المهلك. لقد وصفه المهندس محمد السويكت أثناء تفقده له قبل أن يغادر منصبه في الإشراف على طرق المنطقة الشرقية إلى رئاسة المؤسسة العامة للخطوط الحديدية بقوله إن طريق الخفجي/ أبرق الكبريت سيئ جدا بسبب زحف الرمال عليه! في مقالي «المهندس السويكت.. وشرايين المنطقة» ذكرتُ: «..، وكذا طريق أبرق الكبريت الذي يربطها بالخفجي، وتتسبب الرمال بقطع الحركة المرورية عليه لعدة أسابيع…»، وفي مقالي الآخر «الأبرقان» قلت: «كانت أبرق الكبريت إلى أقل من عشر سنوات تقريبا هجرة نائية في الصحراء لا يربطها أي طريق معبد بمدينة الخفجي -مركز المحافظة- أو بغيرها ثم تم ربطها مؤخرا بطريق متواضع جدا أنشأته بلدية الخفجي -رغم أن مثل هذه الطرق من اختصاص إدارة الطرق في المنطقة الشرقية- وقد ساهم الطريق بشيء من التسهيلات لأهالي أبرق الكبريت، لكن فرحتهم لم تدم طويلا بذلك الشريان بسبب زحف الرمال عليه، إذ لم يراع في إنشائه معايير فنية صحيحة، وزاد الطين بلة -كما يقولون- زحف الشاحنات؛ لأن الطريق يختصر مسافة تزيد على خمسين كم تقريبا لأولئك السائقين، واكتفى المرور بوضع لوحة تحذيرية لم تردع أحدا»! من العناوين الصحفية التي اطلعت عليها -أثناء كتابتي المقال- من خلال بحث سريع: – وفاة ثلاثة أشخاص بعد احتراق سيارتين إثر حادث تصادم على طريق أبرق الكبريت. – وفاة شخصين في حادث على طريق أبرق الكبريت. – تصادم وجها لوجه بين مركبتين يصرع ثلاثة أشخاص في أبرق الكبريت. – الرمال تغلق الطريق وتهدد مستخدميه. – أمانة الشرقية تحمل النقل مسؤولية إغلاق أبرق الكبريت. – الطريق بمسارين والأتربة تغلق أحدهما باستمرار. – يشكل الطريق حلقة الوصل بين هجرة أبرق الكبريت ومحافظة الخفجي بطول 80 كم. – الرمال تعزل أبرق الكبريت والأهالي يحملون النقل المسؤولية. – الرمال تخفي معالم طريق أبرق الكبريت. – زحف الرمال يكشف مشكلة الطرق بالشرقية. – سيارات المسافرين على طريق أبرق الكبريت تعلق في الرمال. – أبرق الكبريت تحلم بالخدمات وتصارع زحف الرمال. – الحذر ثم الحذر من طريق الخفجي المؤدي إلى أبرق الكبريت. – محافظ الخفجي يتفقد طريقين طمرتهما الرمال. توجد عناوين كثير مؤلمة أخرى -منذ نشأة هذا الطريق المهلك- ولن يتوقف تواردها ما لم تتحمل الإدارة العامة للطرق والنقل في المنطقة الشرقية مسؤوليتها بالعمل الجاد لمعالجة حقيقية للطريق أو إغلاقه في حال عجزها عن القيام بدورها؛ لوقف نزف الدماء على جنباته. يقول بعضهم: لا يتعدى دور مرور الخفجي مباشرة الحوادث التي تقع على ذلك الطريق عندما تصلهم الاتصالات والبلاغات التي يكون الهلال الأحمر أسرع وصولا إليها منهم غالبا! وقفة: لقد كان أهل أبرق الكبريت يصلون إلى هجرتهم -عبر الصحراء- سالمين قبل إنشاء طريق المفاجآت.