في 2 فبراير 2012م غطت أحداث ملعب كرة القدم في بورسعيد الأخبار حتى دخان الثورة السورية واجتماعات مجلس الأمن والفيتو الروسي حول اتخاذ قرار يسند قرار الجامعة العربية حول آلة القتل الأسدية. سبعون من عباد الله ماتوا دهسا ورفسا وحرقا في ملعب بلدي من أجل الكرة! وأقبل بعضهم على بعض يتلاومون. واللوم لن يعيد الحياة لميت! سقطوا كالذباب ليس لثورة ولا لقضية. ليس ببركان ولا زلزال ولا حرب كونية. إنهم شهداء الكرة التعيسة كما عنونا المقالة. رحمة الله عليهم أجمعين أيا كانوا، ونقول يا حسرة على العباد كم يقتل من الناس في أتفه الأشياء! فهل يستحق ومن أجل لعب الكرة أن يموت أناس في ميعة الصبا؟ أليست كارثة أكبر من كل كارثة، ومصيبة دخلت بيوت سبعين عائلة بالدمع والأحزان بدون مبرر.في ظروف مثل هذه تجتاح مصر بعد أن انقلبت وتحولت من عصر إلى عصر، ومن حكم استبدادي فاسد إلى حكم انتقالي مرتج مترنح يحاول كل فريق أن يوظف ما حدث لصالحه؟ ولكن لماذا تحدث مثل هذه الكوارث عندنا تحديدا؟ ولماذا كان دم الناس رخيصا؟ وموتهم مثل الحشرات والذباب هينا؟ لماذا يقتل الناس في سوريا بآلة الموت الأسدية، ومازال مجلس الأمن ومعه الروس يراوح في مكانه عاجزا عن اتخاذ قرار حماية أرواح الناس؟ أما الإخوان المسلمون فقاموا فورا وهم يرون شبح حسني مبارك فقالوا إنهم فلول النظام السابق؛ فقد جاءت باصات محملة بالبلطجية والمرتشين تفسد الجو وتقتل الناس. إنها الثورة المضادة! قد يكون الكلام صحيحا، أو قسم منه، أو أنه باطل وقبض الريح؛ ففي جو مشبع بالريبة والفوضى والتآمر والكراهيات وتصفية الحسابات يصعب الوصول إلى الحقيقة إن لم يكن مستحيلا. أفضل ما يمكن استنتاجه من الوقائع قوانين التحولات الاجتماعية؛ فلا يحدث شيء من فراغ بل من استعداد وتهيؤ. الأمراض تنتشر بهذه الطريقة، والدول تتفسخ هكذا، والحضارات تباد وتنهار بنفس الآلية. إنه القانون الثاني في التيرموديناميك عن الأنظمة المغلقة التي تتشيخ فتنهار من الداخل. وما يحدث في عالم العروبة هو هذا الفساد والعفن الداخلي الذي يظهر قيحا على السطح. والذي خبث لا يخرج إلا نكدا.