ومثلما ظهرت بدعة حرف «الدال» والشهادات «المضروبة» ها هي الآن مهنة المحاماة تدخل وبقوة على الخط كبدعة جديدة، خاصة أن مكاتب المحاماة تزايدت بصورة تدعو إلى العجب، حتى أنها بدأت تنافس مكاتب العقار من حيث الانتشار والتوسع. وفي البداية لا بد أن نتفق أن أوضاعنا لا تشجع على وجود مهنة المحاماة، فلا الناس يفهمون سبب تواجد هؤلاء المحامين، ولا المحامون استطاعوا أن يقنعوا الناس بسبب تواجدهم. وبالطبع هناك قلة استفادوا من المحامين، وبمبالغ خيالية، إلاّ أن قلة عددهم تؤكد أن هناك فجوة كبيرة في استيعاب الناس لدورهم. فكيف للناس أن يستوعبوا عدم مقدرة المحامي على الانتفاع من الكم الهائل من القضايا التي يكون الغبن فيها واضحاً وضوح الشمس، ولا يحتاج استعادة الحقوق في تلك القضايا إلا لأقل مجهود؟! ولو كانت هذه القضايا معروضة لمحامين في دولة أخرى لحمدوا الله ليلَ نهار على هذا الرزق الميسر. فبالنظر مثلاً لشركات السيارات وعقودها المجحفة، هل سمعنا أن محامياً أرجع حقاً لمشترٍ بعد أن تورط مع إحدى تلك الشركات؟ وإذا عرجنا على البنوك وقروضها ومساهماتها، فهل تذكرون أن محامياً أعاد ريالاً واحدا لعميل اشتكى؟ والأخطاء الطبية التي تملأ دهاليز المستشفيات، فهل تنامى إلى مسامعكم أن محاميا انتزع تعويضاً لأسرة مات عائلها؟ وأين هم من الشركات التي لا تصرف رواتب عمالتها؟ وأين هم من الفصل التعسفي والتحرشات وقضايا الابتزاز؟! بكل صراحة أنا لا أرى لهم أي عمل هاهنا، وإن وجد فهو نادر، وندرة عملهم لهو دليل على عدم استفادة الناس منهم، وهذا بالضبط ما أريد الوصول إليه.