عندما تكون في المحكمة لا تستغرب إن رأيت أحد جيرانك من «المعقبين» وهو يحمل حقيبته ينتظر دور موكله ليدخل بصفته محاميا عنه! تعاني مهنة المحاماة عندنا من ضعف كبير، سواء من قبل المحامين أنفسهم أو عدم وجود قانون واضح وصريح ينظم هذه الفوضى التي أدت إلى ضياع الكثير من الحقوق، وكم أضرت بأبرياء لأن دفوع محاميهم كانت سيئة جدا بل مورطة بشكل مستغرب. كيف يكون هذا الشخص محاميا مؤتمنا يدافع عن حقوق الناس؟ هذا غير أن بعض القضاة لا يكترثون كثيرا بأقوالهم، فقد تجد قاضيا لا يقبل من المحامي أن يتحدث ويطلب منه أن يظل صامتا، ليوجه أسئلته إلى المتهم مباشرة من دون تدخل من المحامي مهما كانت قوته، إذ إن الأمر بالنسبة إلى دور المحامي يحدده القاضي من دون ضوابط مسبقة. وينتشر المحامون في عرض البلد وطولها من دون حسيب ورقيب، الكثير منهم يوهم الناس بفهمه للقانون وقوته لحين تسلم الدفعة الأولى من أتعاب المحاماة ليبدأ بعد ذلك بالمماطلة، فتجد نفسك بعد أن يذهب الكثير من الوقت مضطرا إلى اختيار محام آخر، وهكذا، ولا تنتهي من قضيتك إلا بعد أن تكون اخترت وألغيت ما يقارب خمسة محامين! وحتى إن ذهبت لمكاتب المحاماة التي تسمي نفسها كبيرة، تجدها لا تلتفت لقضايا الناس البسطاء، كل همها مُنصب على قضايا الشركات الكبرى والمبالغ المالية الكبيرة، لدرجة أن بعض الشركات التجارية الكبيرة تقوم بحيلة قانونية، لا أدري من سمح لها بذلك، أمام أعين القانون، فتجدها تقوم بالتوقيع مع جميع مكاتب المحاماة الكبرى، لضمان أن من يريد مقاضاتها لن يستطيع أن يستعين بهذه المكاتب الكبرى. وهذا الأمر يحتاج إلى رقابة صارمة وإجبار الشركات ألا تقوم بالتوقيع سوى مع مكتب أو مكتبين، حتى لا يجد المواطن نفسه غير قادر على إيجاد مكتب محاماة يساعده في أخذ حقه من هذه الشركات. كما أن وضع المحامين عندنا يحتاج إلى إعادة هيكلة وسن أنظمة تتفق مع شريعتنا، ومع الأنظمة العادلة الأخرى التي يعرفها كل الناس!